للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: " إن هذا لم يغب عنى، ولكن قد علمتم تغلب صلاح الدين على عامة بلاد الشام سوى ما بيدى ومعى، فإن سلمت حلب إلى عماد الدين يعجز عن حفظها منه، فإن ملكها صلاح الدين لا يبقى لأهلنا معه مقام، وإذا سلمتها إلى عز الدين [٢٢٨] أمكنه أن يحفظها لكثرة عساكره وبلاده وأمواله ".

فاستحسن الحاضرون قوله وعلموا صحته، وعجبوا من جودة رأيه مع شدة مرضه وصباه.

فلما توفى أرسل شاذبخت - دزدار حلب - إلى عز الدين يدعوه إلى حلب ليسلموها إليه، فورد الخبر ونائبه مجاهد الدين قايماز قد سار إلى ماردين لمهم عرض له فلقى القاصدين عندها، فأخبروه الخبر، وسار إلى الفرات، فأرسل إلى عز الدين يعرفّه الحال، ويشير بتعجيل الحركة، وأقام على الفرات ينتظر، فسار عز الدين مجدا، فلما وصل إلى المنزلة التي بها مجاهد الدين [قيماز] (١) أقام معه، وأرسل [إلى حلب] (١) يستحضر الأمراء، فحضروا كلهم عنده، وجددوا اليمين له، فسار حينئذ إلى حلب، ودخلها وملكها.

ولما دخل الفرات كان الملك المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب - ابن أخى السلطان - بمنبج - وكانت إقطاعا له مع حماة (٢) وسلمية وغيرها -، فسار عنها هاربا إلى مدينة حماة، وثار أهل حماة، ونادوا بشعار عز الدين مسعود لميل (٣) الناس كان إلى عود الدولة الأتابكية، وكان السلطان اذ ذاك بمصر - كما ذكرنا - فأشار الحلبيون على عز الدين بقصد دمشق، وأطمعوه فيها وفى غيرها من البلاد الشامية، وأعلموه محبة أهلها للبيت الأتابكى، فلم يفعل، وقال:

" بيننا يمين ولا نغدر به "، وأقام بحلب مدة يسيرة.


(١) ما بين الحاصرتين عن س (٧٣ ا).
(٢) هذا اللفظ ساقط من س.
(٣) في الأصل: " يميل "، وقد صححت إلى ما بالمتن ليستقيم المعنى؛ وفى س: " وخطر للناس عودة الدولة. . . إلخ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>