للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مع عماد الدين بحلب عسكر كثير من النورية، وهم مجتهدون في القتال مجدّون فيه، ورأى عماد الدين كثرة الخرج فشحّ بماله، وحضر عنده بعض الأجناد وطلبوا منه شيئا فاعتذر بقلة المال عنده، فقيل له (١):

" من يريد يحفظ مثل حلب يخرج الأموال ولو باع نساءه ".

فمال حينئذ إلى تسليم حلب وأخذ العوض عنها، فأرسل الأمير حسام الدين طمان الياروقى في سر إلى السلطان على أن يتسلم حلب ويرد على عماد الدين سنجار بلده، فأجابه السلطان إلى ذلك وزاده الخابور ونصيبين والرقة وسروج، واشترط عليه إرسال العساكر في خدمته إلى الغزاة.

ولما تم الأمر بين عماد الدين والسلطان في السر أعلم عماد الدين الأمراء بذلك، وأذن لهم في تدبير أنفسهم، فأنفذوا عنهم وعن الرعية عز الدين جورديك وزين الدين بلك، فبقوا عنده إلى الليل، واستحلفوه للعسكر وأهل البلد، فحلف لهم ولعماد الدين، وذلك في سابع عشر صفر من السنة.

وخرجت العساكر إلى خدمة السلطان واجتمعوا به في الميدان الأخضر، وخرج إليه مقدمو حلب، فخلع عليهم، وطيّب قلوبهم، وقبّح أهل حلب على عماد الدين بيع حلب بسنجار وهو أبخس الأثمان (٢)

[٢٤٨] مع قدرته على حفظ حلب والامتناع بها، حتى أن بعض عامة حلب أخضر إجانة (٣) وفيها ماء، وناداه: " أنت لا تصلح للملك [بل] (٤) تصلح أن تغسل الثياب "، وسمعوه المكروه.


(١) الأصل: " فقال "، والتصحيح عن س.
(٢) س: " وهو أفحش الأعمال ".
(٣) الإجانة المركن الذى يغسل فيه الثياب. (اللسان) و (ابن سيدة: المخصص، ج ٩، ص ١٦٠).
(٤) عن س.

<<  <  ج: ص:  >  >>