للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن لم يعد عن الموصل وماردين، وأنهم على عزم ضرب المصاف معه إن أصر على ذلك، فرحل السلطان إلى دنيسر، فوصلها ثامن ربيع الأول عماد الدين قرا أرسلان، ومعه عسكر أخيه نور الدين - صاحب آمد والحصن - فالتقاهم السلطان واحترمهما وأكرمهما، ثم رحل طالبا (١) الموصل فوصل إلى نصيبين، وجاءه معز الدين سنجر شاه بن سيف الدين غازى بن مودود ابن زنكى - صاحب الجزيرة - فأكرمه السلطان، ثم سار من أقرب الطرق من دجلة، وتنكّب طريق الدولعية، فنزل على بلد آخر ربيع الأول، ثم توجه إلى الموصل، وخيّم على الإسماعيليات.

وقدم عليه زين الدين يوسف - صاحب إربل - فأرسل السلطان - وهو على بلد قبل نزوله الإسماعيليات - القاضى ضياء الدين أبا الفضائل القسم ابن يحيى بن عبد الله بن الشهرزورى إلى الخليفة بما عزم عليه من حصر الموصل، وذكر أن أهلها يخطبون لسلطان العجم، وينقشون السكة باسمه، وأنهم يراسلون الفرنج، ويغرونهم على قصد بلاد المسلمين، وأنه لم يأت لأجل الازدياد في الملك ولا لقلع البيت القديم وقطع أصله، وإنما مقصوده ردهم إلى طاعة الخليفة ونصرة الإسلام، وردّهم عما اعتادوه من الظلم واستحلال المحارم، وقطعهم عن مواصلة العجم، وإلزامهم بما يجب عليهم من حفظ الجار وصلة الرحم؛ فهذا صاحب الجزيرة وهو ابن أخى صاحب الموصل عز الدين ولى عهد أبيه لم يرع فيه ذمة أخيه، وأبعده عما يستحقه بالإرث، وقطع رحمه وأخافه، ولو تمكن منه لأهلكه، ولولا خوفه منه لما أفضى [إلى] (٢) هذا المقام،


(١) الأصل: «طالب».
(٢) ينقل المؤلف هنا عن العماد مع تغيير طفيف، والنص عند العماد (الروضتين، ج ٢٢ ص ٦٢)، «. . لما التجأ إلى هذا الجانب، ولما اختار الأجانب على الأرقاب، وهذا صاحب إربل جار الموصل أبوه زين الدين على. . . إلخ».

<<  <  ج: ص:  >  >>