للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الملك العزيز عماد الدين عثمان حاضرا مع أبيه، فحلفّ السلطان الناس لأولاده، وجعل لكل منهم نصيبا معلوما، وجعل أخاه الملك العادل وصيّا على الجميع، وأكثر السلطان في مرضه من الصدقات، وكتب بذلك إلى الشام والديار المصرية، فلم يبق في سائر ممالكه من الفقراء والمساكين إلا من وصل إليه نصيب من رفده وبره وصدقته.

وذكر عماد الدين الكاتب قال:

" أمرنى أن أكتب إلى نائبه بدمشق صفى الدين بن القابض بأن يتصدق بخمسة آلاف دينار صورية (١)، فقال: ما عندى غير دنانير مصرية، فقال:

يتصدق بها مصرية ".

ولما امتد زمان مرضه أمر ببناء دار عند سرادقه وحمام، فبنيت في أربعة أو خمسة أيام، واستحضر من دمشق ولديه الصغيرين: الملك المعظم توران شاه، وملكشاه (٢)، وأمهما، فأسكنهما في تلك الدار مدة مقامه وسماها:

" دار العافية ".

ولما تم الصلح بينه وبين المواصلة أهدى لعز الدين هدايا عظيمة، ولوالدته، ولزوجته، ولابنة نور الدين، وقوّم ما سيره إليهم بما يوفى على عشرة آلاف دينار سوى الخيل والملبوس والطيب والأشياء المستطرفة.


(١) أنظر ما فات هنا، ص ٧٦، هامش ٦
(٢) هما أخوان شقيقان لأم واحدة، الأول الملك المعظم أبو منصور تورانشاه فخر الدين، ولد بمصر في ربيع الأول سنة ٥٧٧ هـ‍، والثانى الملك الغالب أبو الفتح ملك شاه نصير الدين، ولد بالشام في رجب سنة ٥٧٨ هـ‍؛ انظر: (الروضتين، ج ١ ص ٢٧٦ - ٢٧٧)؛ وقد ترجم (الحنبلى: شفاء القلوب، ٧٣ ب) للمعظم تورانشاه، فقال إنه كان كبير البيت الأيوبى، وقد اشتغل بالعلم وحضر غير مصاف وكان ذا شجاعة وعقل، ولما استولى التتار على حلب اعتصم بقلعتها ثم سلمها بالأمان، وأدركه الأجل على قرب ذلك فتوفى في السبع ولعشرين من ربيع الأول سنة ٦٥٨ هـ‍ بحلب عن ثمانين سنة، ودفن هناك بدهليز داره.

<<  <  ج: ص:  >  >>