للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمس الملك العادل من السلطان بلادا أو نواحى بمصر، فأجيب اليها، وأقطعه البلاد الشرقية بمصر، وتقرر أنه يسير إلى مصر نائبا عنه بها، ويكون الملك العزيز عماد الدين عثمان السلطان بها، ويكون الملك العادل أتابكه ومربيه والكافل له والمقيم [٢٦٨] بتدبير أموره كلها، وكان الملك العادل شديد الحب له، وكان الملك العزيز هو الذى سأل أباه أن يكون الملك العادل معه.

فحكى القاضى بهاء الدين بن شداد - رحمه الله - قال:

" قال الملك العادل: لما استقرت هذه القاعدة اجتمعت لخدمة الملك العزيز والملك الناصر وجلست بينهما، وقلت للملك العزيز: اعلم يا مولاى أن السلطان قد أمرنى أن أسير في خدمتك إلى مصر، وأنا أعلم أن المفسدين كثير، وغدا فما يخلو ممن يقول عنى ما لا يجوز، ويخوّفك منى، فإن كان لك عزم تسمع فقل لى حتى لا آجى معك، فقال لا أسمع، وكيف يكون ذلك؟ ثم التفتّ، وقلت للملك الظاهر: أنا أعرف أن أخاك ربما سمع فىّ أقوال المفسدين، وأنا فما لى إلا أنت، وقد قنعت منك بمنبج متى ضاق صدرى من جانبه، فقال: مبارك، وذكر كل خير ".

ثم إن السلطان سيّر ولده الملك الظاهر إلى حلب، وفى خدمته: حسام الدين بشارة شحنة، و [شجاع الدين] (١) عيسى بن بلاشق (٢) واليا، فوصل الملك الظاهر إلى العين المباركة يوم الجمعة ثامن جمادى الآخرة من هذه السنة - أعنى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة - وخرج الناس إلى لقائه يوم السبت تاسع جمادى الآخرة، وصعد إلى القلعة ضحوة، وفرح الناس به فرحا شديدا، وعدل في الناس، وأفاض عليهم وابل فضله، واستمر مالكا لها إلى أن توفى بها سنة ثلاث عشرة وستمائة؛ وكان ملكه لها نحوا من إحدى وثلاثين سنة.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة عن (الروضتين، ج ٢، ص ٧١).
(٢) كذا في الأصل، وفى المرجع السابق: «بلاشو».

<<  <  ج: ص:  >  >>