للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأمان، وتسلّم القلعة، وأقام أهل البلد - وكانوا مسلمين - تحت الذمة، فأقرّهم على أموالهم وأملاكهم.

وكتب السلطان في تلك الأيام إلى الخليفة الإمام الناصر لدين الله - أمير المؤمنين - كتابا بالإنشاء العمادى، أوله:

{" وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ (١)}، الحمد لله على ما أنجز من هذا الوعد، وعلى نصرته لهذا الدين الحنيف من قبل ومن بعد، وجعل من بعد عسر يسرا، وقد أحدث الله بعد ذلك أمرا، وهوّن الأمر الذى ما كان الإسلام يستطيع عليه صبرا، وخوطب الدين بقوله: ولقد مننا عليك مرة أخرى، فالأولى في عصر النبى والصحابة، والأخرى هذه التي عتق بها من ذل الكآبة، وهو قد أصبح حرّا ريّان الكبد الحرّا، والزمان كهيئته استدار، والكفر قد ردّما كان عنده من المستعار، فالحمد لله الذى أعاد الإسلام جديدا ثوبه، مبيضا نصره، مخضرا نصله، متسعا فضله، مجتمعا شمله.

والخادم يشرح من نبأ هذا الفتح العظيم والنصر [٢٨٢] الكريم ما يشرح صدور المؤمنين، ويمنح الحبور لكافة المسلمين، ويورد البشرى بما أنعم الله به من يوم الخميس الثالث والعشرين من ربيع الآخر إلى يوم الخميس سلخه، وتلك سبع ليال وثمانية أيام حسوما، سخرها الله على الكفار، فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، وإذا رأيت ثمّ رأيت البلاد على عروشها خاوية (٢)، ورأيتها إلى الإسلام ضاحكة وكانت من الكفر باكية:

فيوم الخميس الأول فتحت طبرية.


(١) الآية ١٠٥ (ك)، السورة ٢١ (الأنبياء).
(٢) الأصل: «خالية» والتصحيح عن س (١٤ ب) والعماد (الروضتين، ج ٢، ص ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>