للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو المسجد الذى صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالملائكة المقربين، وهو البلد الذى بعث الله إليه عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروحه عيسى، الذى شرّفه الله برسالته، وكرّمه بنبوته (١)، ولم يزحزحه عن رتبة عبوديته (١)، فقال تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ} (٢) وقال:

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ اِبْنُ مَرْيَمَ} (٣).

وهو أول القبلتين، وثانى المسجدين، وثالث الحرمين، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه، ولولا أنكم ممن اختاره الله من عباده، واصطفاه من سكان بلاده، لما خصكم بهذه الفضيلة التي لا يجاريكم فيها مجار، ولا يباريكم في شرفها مبار (٤)، فطوبى لكم من جيش ظهرت على أيديكم المعجزات النبوية، والوقعات البدرية، والعزمات الصديقية، والفتوح (٥) العمرية، والجيوش العثمانية، والفتكات العلوية، جددتم للإسلام أيام القادسية، والوقعات اليرموكية، والمنازلات الخيبرية، والهجمات (٦) الخالدية.

فجزاكم الله عن محمد نبيه أفضل الجزاء، وشكر لكم ما بذلتموه من مهجكم في مقارعة الأعداء، وتقبل منا ومنكم ما تقربتم به إليه من مهراق الدماء، وأثابكم الجنة فهى دار السعداء، فاقدروا - رحمكم الله - هذه النعمة [٢٩٤]


(١) هذه الجملة غير موجودة في س (٢١ ا) ولا في (شفاء القلوب)، ولكنها موجودة في الروضتين.
(٢) السورة ٤ (النساء)، الآية ١٧٢ (م).
(٣) السورة ٥ (المائدة)، الآية ١٧ (م).
(٤) كذا في الأصل وفى الروضتين، وفى س والشفاء: " ولا يماريكم في شرفها ممار ".
(٥) كذا في الأصل وفى الروضتين، وفى س والشفاء، " والفتوحات ".
(٦) كذا في الأصل والروضتين؛ وفى س والشفاء (٣٦ ا): " والهمات ".

<<  <  ج: ص:  >  >>