للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنزل السلطان ولده الملك الظاهر على المكان الضيق من الوادى، فنصب منجنيقا مقابل قرنه من السور، وكان صائب الحجر، ولم يزل يضربها حتى هدم من السور قطعة عظيمة، وكان معه جماعة من الرجالة الحلبيين، وهم في الشجاعة بالمنزلة المشهورة، ودام رمى النشّاب (١) والجرخ (٢) والزنبورك (٣) والزّيار (٤)، فخرج أكثر أهل الحصن وهم يظهرون التجلد.

ولما كان بكرة الجمعة ثانى جمادى الآخرة عزم السلطان على الزحف، وركب وتقدم، وتواتر ضرب المنجنيقات، وارتفعت الأصوات، وعظم الضجيج بالتكبير والتهليل، فتعلق المسلمون بقرنه من ذلك الجبل، وقد أغفل الفرنج إحكامها، فتسلقوا منها بين الصخور حتى التحقوا بالسور الأول، فقاتلوهم عليه حتى ملكوه، وملكو بقية أسوار الربض وهجموا.


(١) النشاب النبل أو السهام، واحدته نشّابة، والناشبة والنشّابة قوم يرمون بالنشاب (اللسان)، وقد ذكر (الحسن بن عبد الله: آثار الأول، ص ١٦٠) أنواع النشاب وما يمتاز به كل نوع على الآخر، قال: " وأما النشاب فيجب أن تكون صحيحة الاعتدال والاستدارة والفتل والثقل والخفة، وطوله وقصره على حسب مقادير الرامى، والمريش المربع أو المثلث، والجناح الأيمن أخف من الأيسر، والمثلث المريش أسرع، والمربع أعدل وأصح، لكن فيه بطء، وريش الذنب لا خير فيه، فإن اضطر إليه فليخلط مع غيره. . . الخ ".
(٢) راجع ما فات هنا ص ١٥٠، هامش ٣؛ ص ٢٤٣، هامش ٤
(٣) راجع ما فات هنا ص ٢٤٤، هامش ١
(٤) الزيار - والجمع زيارات - نوع من القسى الرامية للسهام، يذكر غالبا مع أنواع القسى الأخرى مثل الجرخ والعقّار، ولكنه أكبرها وأضخمها، وقد وصفها (مرضى بن على: تبصرة أرباب الألباب، ص ٦) وصفا واضحا دقيقا، قال: " قسى الزيار، وهى أشدها رميا، وأعظمها جرما، وأنكأها سهما، ويحتاج ايتارها إلى عدة من الرجال، وتركيب هيولاها من أصناف من الأخشاب، وتنصب على الأبراج وماشا كلها، ولا يكاد أحد يقف لها "، أنظر أيضا: (Dozy : Supp .Dict .Arab)
و (C .Cahen : Un Traite d'Armureie . . .etc .P ,١٥١ - ١٥٢)
و (العماد الأصفهانى: الفتح القسى، ص ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>