للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضى بهاء الدين بن شداد:

" فلقد كنت أشاهد الناس وهم يأخذون القدور وقد استوى فيها الطعام، فيأكلونها وهم يقاتلون القلعة، وانضم من كان في الربض إلى القلعه بما أمكنهم أن يحملوه من أموالهم، ونهب الباقى، ثم استدار المسلمون حول أسوار القلعة، فلما عاينوا الهلاك استغاثوا وطلبوا الأمان، فأمنهم السلطان، على أن يسلموا بأموالهم وأنفسهم، وقرّر عليهم قطيعة القدس، فسلمت القلعة.

ثم سلّم السلطان صهيون بجميع أموالها وسائر ما حوته من ذخائر وأموال إلى الأمير ناصر الدين منكورس بن خمارتكين - صاحب بوقبيس - فأحكم البلد وحصّنه وحفظه.

وكان ناصر الدين له همة عالية، ومعروف [٣٢٠] كثير وسياسة تامة، وصدقات كثيرة دارة، وأوقف وقوفا جليلة، ولم يزل مشكور السيرة، مرضى الطريقة، مقصدا وملاذا لمن قصده من أهل الفضل والدين إلى أن توفى وهو مالك صهيون، وتولى بعده ولده مظفر الدين عثمان، ثم توفى مظفر الدين عثمان ابن منكورس بن خمارتكين، فملكها بعده ولده سيف الدين محمد، فلم يزل مالكا لها إلى أن توفى سنة إحدى وسبعين وستمائة (١)، وولّى بها السلطان الملك الظاهر ركن الدين نوابه، فكان مدة ملك آل خمارتكين لها نحو سبع وثمانين سنة.

وكان مظفر الدين عثمان سالكا طريقة والده في العدل والإحسان، والصدقة وحسن السيرة، وكان جده ناصح الدين خمارتكين - رحمه الله - أميرا جليل القدر، واستشهد بيد الباطنية، وهو في خدمة السلطان، وقد ذكرنا ذلك.


(١) هذا النص يدل على أن ابن واصل كان يكتب هذا الجزء من كتابه بعد سنة ٦٧١ هـ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>