للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنوة وقهرا، ودخل الفرنج القلة التي للحصن، وأحاط بها المسلمون، وأرادوا نقبها، وكان الفرنج قد رفعوا من عندهم من أسرى المسلمين إلى سطح القلة، وأرجلهم في القيود والخشب [المثقوب] (١)، فلما سمعوا تكبير المسلمين في نواحى الحصن والقلعة كبروا في سطح القلة، فظن الفرنج أن المسلمين قد صعدوا إلى سطح القلة، فألقوا بأيديهم إلى الأسر، وملكها المسلمون عنوة، ونهبوا ما فيها، وأسروا وسبوا، وأمت خالية لا ديّار بها، وألقى المسلمون النار في بيوتهم فاحترقت، وولى السلطان حصن برزية للأمير عز الدين إبراهيم بن الأمير شمس الدين بن المقدّم - وهو صاحب حصن أفامية - وبين الحصنين بحيرة تحجز بينهما.

وكانت زوجة البرنس [٢٢٣] صاحب أنطاكية تهادى السلطان وتناصحه، وتطالعه على أسرار الفرنج، وكان السلطان يكرمها لذلك، ويهدى إليها أنفس الهدايا، وكانت أختها صاحبة برزية فسبيت يوم الفتح، فما زال السلطان يطلبها حتى أحضروها، وأحضروا زوجها، وابنة له، وجماعة من أصحابها، وصهرها، فأنعم عليهم السلطان بما لهم، وسيرهم إلى أنطاكية إكراما لامرأة البرنس، فشكرته على ذلك، ودامت مودتها له.

ذكر فتح دربساك (٢)

ثم سار السلطان حتى أتى إلى جسر الحديد، وأقام عليه ثلاثة أيام، ثم سار إلى دربساك (٢) فنازلها يوم الجمعة ثامن رجب من هذه السنة، وهى قلعة منيعة من معاقل الداوية، قريبة من أنطاكية، ونصب عليها المنجنيقات، وتابع الرمى بالحجارة، فهدمت من سورها شيئا يسيرا، فلم يبال من فيها بذلك،


(١) أضيف ما بين الحاصرتين عن: (ابن الأثير، الكامل، ج ١٢، ص ٢)، وهو المرجع الذى ينقل عنه المؤلف هنا.
(٢) الأصل: " ديربساك "، وقد ضبطت بعد مراجعة: (صبح الأعشى، ج ٤، ص ١٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>