للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكاتب بذلك الملوك، فخطبوا له بولاية العهد ثانيا سنة ثمانى عشرة وستمائة، لكنه لم يرض عنه، ولم يزل محبوسا مقيدا، والخطبة والسكة باسمه إلى أن توفى الناصر، وولى الخلافة بعده، لكنه لم يبق في الخلافة إلا أشهرا ومات.

ذكر منازلة السلطان شقيف أرنون (١)

ثم خرج السلطان من دمشق يوم الجمعة ثالث ربيع الأول من هذه السنة بعد صلاة الجمعة، فنزل بمرج فلوس، ونزل من الغد وهو يوم السبت بمرج برغوث، وأقام به والعساكر تتابع إلى حادى عشره، ورحل إلى بانياس، ومنها إلى مرج عيون، فخيّم به، وهو قريب من شقيف أرنون، بحيث يركب كل [يوم] فيشارفه ثم يعود، والعساكر تتواصل، وتأتى من كل ناحية، فأقام أياما يشرف كل يوم على الشقيف، فنزل صاحب الشقيف وهو أرناط (٢) - صاحب صيدا - بنفسه إلى السلطان، وكان صاحب دهاء [ومكر] (٣)، وكان من كبار الفرنج وعقلائهم، عارفا بالعربية (٤)، وعنده اطلاع على شئ من التواريخ والأحاديث، فحضر عند السلطان وأكل معه الطعام، ثم خلا به، وذكر أنه مملوكه وتحت طاعته، وأنه يسلم المكان إليه من غير تعب، واشترط أن يعطى موضعا يسكنه بدمشق، فإنه بعد ذلك لا يقدر على مساكنة الفرنج، وإقطاعا بدمشق يقوم به وبأهله، وقال:

" إنى أخاف من المركيس أن يعرف ما بينى وبينك، فينال أولادى وأهلى منه أذى، فإنهم عنده، وأريد أن تمهلنى حتى أتوصل إلى تخليصهم من [٣٣٢] عنده، وحينئذ أحضر أنا وهم عندك، ونسلم الحصن إليك، ونكون في خدمتك ".


(١) عرفه ابن شداد بأنه موضع حصين قريب من بانياس.
(٢) هو Reynold Garnier,Lord of Sidon and Beaufort
أنظر عن سياسته لعقد هذه الهدنة (RUNCIMAN : Op .Cit .Vol .٢,pp .٤٦٩ - ٤٧٠) .
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة عن س (ص ٨٧ أ).
(٤) هذا شاهد له أهميته، لأنه يدل على أن بعض أمراء الصليبيين في الشام بدأوا يتعلمون اللغة العربية ويتأثرون بالثقافة الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>