للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لم يخرج للقتال، وإنما قصد كشف حال العدو فقط، ولما بانت له الوقعة وظهر غبارها بعث إليهم من كان معه ليردوهم، فوجدوا الأمر قد فرط، وقد تكاثرت الفرنج حتى خافت منهم السرية التي بعثها السلطان، وظفر العدو بالرجالة ظفرا عظيما، وأسروا جماعة كثيرة، وقتلوا نحو مائة وثمانين نفرا، وقتل من الفرنج أيضا عدة عظيمة، وغرق أيضا منهم عدة، وقتل منهم مقدم الألمانية وكان عندهم عظيما محترما، واستشهد في ذلك اليوم من المسلمين الأمير غازى ابن سعد الدين بن النصار (١)، وكان شابا حسنا شجاعا، فاحتسبه أبوه في سبيل الله ولم تقطر من عينه دمعة عليه.

ذكر توجه السلطان إلى عكا وعوده إلى معسكره

بمرج عيون (٢)

ولما رأى السلطان ما حلّ بالمسلمين في هذه الوقعة النادرة التي لم يصابوا بمثلها قبل ذلك جمع أصحابه وشاورهم وقرر معهم أنه يهجم على الفرنج، ويعبر الجسر ويقاتلهم ويستأصل شأفتهم. وكان الفرنج قد رحلوا من صور ونزلوا قريبا من الجسر، وبين صور وبين الجسر مقدار فرسخ أو أكثر، فلما صمم العزم على ذلك رحل الفرنج عائدين إلى صور ملتجئين إلى سورها، فحينئذ توجه السلطان جريدة إلى عكا ليلحظ ما بنى من سورها، ويحث على الباقى، فمضى إلى تبنين، ثم إلى عكا، فرتب أحوالها، وعاد إلى المعسكر بمرج عيون، منتظرا مهلة صاحب الشقيف.


(١) كذا في الأصل، وفى س: " الصار " بدون نقط، وفى (ابن شداد: السيرة اليوسفية ص ٨٢): " ابن البصار "، وفى (الروضتين، ج ٢، ص ١٤١) - نقلا عن ابن شداد -: " ابن البيطار ".
(٢) نص العنوان في س (ص ٨٠ أ): " ذكر خروج السلطان وعوده إلى معسكره بمرج عيون ".

<<  <  ج: ص:  >  >>