للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قويت شوكتهم فاستولوا على أكثرها، وقد أصبحت ولايتهم من حدّ ماردين إلى عريش مصر - ما عدا البلاد الباقية بيد المسلمين -، وقد كان البرسقى - مع شجاعته - يكفّ بعض عاديتهم، فمذ قتل زاد طمعهم، وولده طفل، ولا بد للبلاد من رجل شهم شجاع ذى (١) رأى وتجربة يذبّ عنها ويحمى حوزتها، وقد أنهينا الحال إليك لئلا يجرى خلل أو وهن على المسلمين، فيختص اللوم بنا، ويقال لنا: لم لا أنهيتم إلينا جلية الحال». فأنهى الوزير ذلك إلى السلطان، فشكرهما عليه، وأحضرهما، واستشارهما (٢) فيمن يصلح للولاية، فذكرا (٣) جماعة، منهم: عماد الدين زنكى، وبذلا عنه - تقربا إلى خزانة السلطان - مالا جليلا، فأجاب [السلطان] إلى ذلك، لما يعلمه من كفايته لما يليه؛ وولاّه البلاد كلها، وكتب منشوره بذلك (٤) وضم إليه ولده الملك ألب أرسلان - المعروف بالخفاجى - وجعله أتابكه، فمن ثم قيل لزنكى: «أتابك (٥)»، فسار أتابك زنكى (٤).


(١) في الأصل: «ذو».
(٢) في الأصل: «واستشاره» والتصحيح عن ابن الأثير حيث ينقل عنه هنا ابن واصل نقلا يكاد يكون حرفيا مع تغييرات طفيفة في اللفظ دون المعنى.
(٣) في الأصل: «فذكروا» والتصحيح عن ابن الأثير.
(٤) هذه الجملة لا توجد في ابن الاثير وإنما أضافها ابن واصل من عنده للايضاح، وهو إيضاح له أهميته لتحديد التاريخ الذى لقب فيه عماد الدين بلقب أتابك وهو اللقب الذى ميز الدولة التي حكمت من نسله.
(٥) «أتابك» لقب يتكون من لفظين تركيين: أطا بمعنى أب، وبك بمعنى أمير؛ وذكر صاحب (صبح الأعشى، ج ٤، ص ١٨) أن أول من لقب بهذا اللقب هو نظام الملك وزير ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقى (٤٦٥ - ٤٨٥ هـ‍) حين فوض اليه ملكشاه تدبير المملكة؛ ثم أصبح ملوك السلاجقة يطلقون هذا اللقب على كبار قواد جيشهم الذين يولونهم الوصاية على أبنائهم القاصرين. وكثيرا ما كان الأمير الأتابك يتزوج أم الطفل الموصى به، وبذلك تصبح العلاقة بينه وبين هذا السلطان القاصر علاقة شبه أبوية. أنظر أيضا: (Demombynes : La Syrie a l'Epoque des Mamlouks,Pref P. XXVII,LVI) و (دائرة المعارف الاسلامية: مادة أتابك).

<<  <  ج: ص:  >  >>