للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعدد والمراكب؛ ومائتى ألف دينار، وخمسمائة أسير مجاهيل الأحوال، ومائة أسير معينين من جانبهم يختارونهم، وصليب الصلبوت، على أنهم يخرجون بأنفسهم سالمين، وما معهم من الأموال والأقمشة المختصة بهم وذراريهم ونسائهم؛ وضمنوا للمركيس - وكان قد استرضاه الفرنج - وأوعدوه بعشرة آلاف دينار، لأنه المتوسط بينهم وبين أهل البلد، ولأصحابه أربعة آلاف دينار " واستقرت القاعدة على ذلك بينهم وبين الفرنج.

ولما وقف السلطان على ذلك أنكره وأعظمه، وعزم على أن يكتب إليهم في إنكار ذلك عليهم، فهو في مثل هذا الحال وقد جمع أمراءه وأصحابه للمشورة، فما أحس المسلمون إلا وقد ارتفعت أعلام الكفر وصلبانهم وشعارهم على أسوار البلد، وذلك ظهر نهار الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من هذه السنة، وصاح الفرنج صيحة واحدة، وعظمت المصيبة على المسلمين، وانحصر كلام أهل الإيمان في تلاوة: " إنا لله وإنا إليه راجعون "، وارتفع البكاء والعويل في عسكر الإسلام.

ودخل المركيس - لعنه الله - البلد، ومعه أربعة أعلام للملوك، فنصب علما على القلعة، وعلما على مئذنة الجامع، وعلما على برج الداوية، وعلما على برج القتال، عوضا عن علم الإسلام، وحيز [المسلمون] (١) إلى بعض أطراف البلد.

قال القاضى بهاء الدين بن شداد - رحمه الله -:

ومثلث بخدمة السلطان عشية ذلك اليوم، وهو أشد حالة من الوالهة الثكلى الحيرى، فسليته بما تيسر من التسلية، وأذكرته الفكر فيما استقبله [٣٨٣] من الأجر في معنى البلاد الساحلية والقدس الشريف، وكيفية الحال في ذلك، وإعمال الفكر في خلاص المسلمين المأسورين في البلد، وانفصل الأمر على أن رأى التأخير عن تلك المنزلة مصلحة، فإنه لم يبق غرض في المضايقة، فتقدم بنقل الأثقال ليلا إلى المنزلة التي كان عليها أولا بشفرعم، وأقام هو جريدة مكانه لينظر ماذا


(١) ما بين الحاصرتين عن العماد: (الروضتين، ج ٢، ص ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>