للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضى بهاء الدين:

لقد رأيتهم وقد اجتمعوا في وسط الرجّالة، وأخذوا رماحهم، وصاحوا صيحة واحدة، وفرج لهم رجالتهم، فحملوا من جميع الجوانب، فانكشف المسلمون من بين أيديهم، ولم يبق في طلب السلطان إلا سبعة عشر مقاتلا (١)، والأعلام باقية، والكوسات (٢) تدق لا تفتر، فلما رأى السلطان [٣٨٨] ما نزل بالمسلمين سار حتى أتى طلبه، فوقف فيه والناس يفرون من القتال، وكلما رأى فارا (٣) من الحرب يحضره عنده، فاجتمع في الطلب خلق عظيم، ووقف العدو في مقابلتهم على رؤوس التلول والروابى، وخاف العدو أن يكون في الشعرا كمين، وكان يومئذ مع السلطان صارم الدين قايماز النجمى وعسكر الموصل، فندبهم السلطان لقتال العدو، وركب العساكر على العدو، وجرت بهم مقتلة عظيمة، وقتل من العدو كند عظيم، وقاتل دون جماعة من مقدميهم فما قتل حتى قتلوا، والتجأ العدو إلى جدران أرسوف، ولولا ذلك لا ستأصلوا.

وجلس السلطان ينتظر عود الناس، وأحضرت إليه الجرحى، فتقدم بمداواتهم، وجرح من الطائفتين جمع كثير، وصدم يومئذ الملك الأفضل نور الدين ولد السلطان، وانفتح دمل كان في وجهه، وسال منه دم كثير، وأحضر بين يدى السلطان، وأخذ من أسرى الفرنج أسيرا فضرب عنقه.


(١) الأصل: «سبعون رجلا مقاتلا»، والتصحيح عن: (ابن شداد، السيرة، ص ١٧٦).
(٢) راجع: (مفرج الكروب، ج ١ ص ١١، هامش ٢).
(٣) الأصل: «فار» والتصحيح عن المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>