للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلح مصلحة، إذ لو قدر موته في أثناء تلك الحروب لكان الإسلام على خطر.

ثم رحل السلطان إلى النطرون، واختلط (١) عسكر الفرنج بعسكر المسلمين، وذهب جماعة من المسلمين إلى يافا في طلب التجارة، ووصل خلق عظيم من الفرنج إلى القدس للحج، وفتح لهم السلطان الباب، ونفّد معهم الخفراء يحفظونهم حتى يردوهم إلى يافا، وكان غرض السلطان بذلك أن يقضوا وطرهم من الزيارة، ويرجعوا إلى بلادهم، فيأمن المسلمون شرهم.

ولما علم الانكلتير كثرة من يزور منهم صعب عليه، وسيّر إلى السلطان يسأله منع الزوار، واقترح أن لا بإذن لأحد إلا بعد حضور علامة من جانبه أو كتابة، وعلم الفرنج ذلك فعظم عليهم واهتموا بالحج، فكان يرد كل يوم منهم جموع كثيرة مقدّمون وأوساط وملوك متنكرون.

وشرع السلطان في إكرام من يرد، ومد الطعام لهم ومباسطتهم ومحادثتهم، وعرّفهم إنكار الملك ذلك، وأذن لهم السلطان في الحج، وعرفهم أنه لم يلتفت إلى منع الملك [٤١١] من ذلك، واعتذر إلى الملك بأن قوما قد وصلوا من ذلك البعد، وتيسر لهم زيارة هذا المكان الشريف لا استحل منعهم.

ثم اشتد المرض بالانكلتير، فرحل ليلة الأربعاء التاسع والعشرين من شعبان، هو والكندهرى وسائر المقدمين إلى ناحية عكا، ولم يبق في يافا إلا مريض أو عاجز، ونفر يسير.


(١) الأصل: «واحتاط» والتصحيح عن ابن شداد (المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>