للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد سبق أمير المؤمنين إلى اختيارك قبل قول لسانه بضمير قلبه، وذكر فيك قول ربّه: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} (١)، وقلّدك لأنك سيف من سيوف الله تعالى يحقّ به التقلّد وله التقليد، واصطفاك على علم بأنك واحد منتظم في معنى العديد؛ وأحيا في سلطان جيوشه سنّة جدّه الإمام المستنصر بالله في أمير جيوشه الأوّل، وأقامك بعده كما أقام بعده ولده وإنه ليرجو أن تكون أفضل من الأفضل؛ وخرج أمره إليك بأن يوعز إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السجل لك بتقليدك وزارته التي أحلّك ربوتها، وأحلّ لك صهوتها؛ وحلاّك نعمتها، و. . . . . . لك نعمتها؛ فتقلد وزارة أمير المؤمنين من رتبتها التي تناهت في الإنافة، إلا أن لا رتبة فوقها إلا ما جعله الله تعالى للخلافة؛ وتبوّأ منها صدرا لا تتطلع إليه عيون الصدور، واعتقل منها في درجة على مثلها تدور البدور:

{" وَاِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ "} (٢):

وقل {" الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ "}. (٣)

وباشر مستبشرا، واستوطن متديرا؛ وأبسط يدك فقد فوّض إليك الأمر أمير المؤمنين بسطا وقبضا، وأرفع ناظرك فقد أباح لك رفعا وخفضا؛ وأثبت على درجات [٩٦] السعادة فقد جعل لحكمك تثبيتا ودحضا، واعقد حبى العزمات للمصالح فقد أطلق بأمرك عقدا ونقضا؛ وأنفذ فيما أهلّك له فقد أدى بك نافلة من السياسة وفرضا، وصرّف أمور المملكة فإليك الصرف والتصريف.

وثقّف أود الأيام فعليك أمانة التهذيب والتثقيف؛ واسحب ذيول الفخار حيث لا تصل التيجان، واملا لحظا من نور الله تعالى حيث تتقى الأبصار لجين


(١) السورة ٧ (الأعراف)، الآية ٥٨ (ك).
(٢) السورة ٣١ (لقمان)، الآية ١٧ (ك).
(٣) السورة ٣٥ (فاطر)، الآية ٣٤ (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>