للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضوانه، وجنات جنانه وغرفات (١) غفرانه. ولقد أسعده الله لما توفّاه على طاعة أمير المؤمنين، وقد عرفت مقاماته مدة حياته في إحياء فروض الجهاد وسننه، والجرى في إعلاء منار الدولة القاهرة على جدد الجدّ وسننه، ولولا اعتصام العبد بطاعة الدار العزيزة لكادت مطالعه تظلم، ومطالبه لا تلتئم، وعقود مناجحه لا تنتظم، لكن بركة استمساكه بالعبودية شملت، ومقاصده بسبب الاعتزاز ونسب الاعتزاء إليها كملت، والكلمة على الطاعة اتحدت، والمظافرة من الجماعة تمهّدت، وانتظر المملوك ما يصله من الأمثلة (٢) الشريفة المشرّفة، والإجابة المسعدة المسعفة، فطال انتظاره، وأبطأ عليه من ليل أمله من صبح النجاح إسفاره، فتراجمت به ظنونه، وتزاحمت عليه شجونه، ولا شك أن مهام الديوان [العزيز] (٣) كثيرة، وأن آمال رجاء الرجال بظل فضله مستجيرة، ولكنه رجاء من عوارف الباب الشريف الذى ليس بمرتجّ لمرتج (٤)، وأمل من مذاهب مواهبه التي منهج جدّتها وحدّها غير منهج، أنه إذا ازدحمت الآمال على الديوان، وتنافست في تلقى نفائس الإحسان، قدّم أمر العبد، وعجّل نفع أوامه من أوامره بالورد العد».

وأرسل الملك الأفضل القاضى ضياء الدين أبا الفضائل القسم بن يحيى


(١) في (ك ٤٣٣): «عرفان».
(٢) المثال (والجمع مثالات وأمثلة) والمقصود به هنا التقليد الذى كان يصدر من الخليفة العباسى إلى أحد ملوك الأيوبيين باقراره على ملكه، أما المثال في العصر المملوكى فهو مصطلح معناه الورقة التي كانت تخرج من ديوان الجيش إيذانا باعطاء أحد المماليك إقطاعا من الإقطاعات الحالية، فاذا وقّع السلطان على المثال بالموافقه أرسل إلى ديوان النظر لتسجيله وحفظه، ويكتب بذلك «مربعة» فيها اسم المقطع ورتبته، ثم ترسل المربعة إلى ديوان الإنشاء حيث يكتب منشور الإقطاع؛ أنظر: (القلقشندى: صبح الأعشى، ج ١٣، ص ١٥٣).
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك ٤٣٣).
(٤) هذا اللفظ ساقط من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>