للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد، فاجتمع عالم كثير، فتكلم ذلك الواعظ، فقام ذلك العجمى وصاح واستغاث وبيده قصة يشكو فيها حاله، فأخذت منه وأمر بالجلوس إلى أن يفرغ المجلس. فلما فرغ المجلس، وقف عزّ الدين على قصته، وأحضر القاضى (٧ ا) وتقدم عليه بأن يحكم بين العجمى وخصمه، فحكم، فظهر الحق بيد العجمى، وأسجل القاضى على نفسه في المجلس وأشهد عليه، وسلّم إلى العجمى حقه، وأسخط عزّ الدين والدته في اتباع الحق.

وأوقف عز الدين أوقافا حسنة منها المدرسة (١) المعروفة به بالموصل بباب دار الملك للفريقين: الحنفية والشافعية، ورتّب فيها الفواكه والحلواء والدعوات في المواسم والأعياد، وشيرج الوقيد، وغير ذلك.

[ذكر استيلاء نور الدين ارسلان شاه ابن مسعود بن مودود بن زنكى بن آق سنقر على الموصل]

كان عزّ الدين - رحمه الله - لما رجع مريضا ووصل إلى دنيسر، أوصى بالملك بعده لولده نور الدين أرسلان شاه، وجعل القيّم بأمره مجاهد الدين


(١) سميت «المدرسة العزية» نسبة إلى عز الدين مسعود، انظر عنها: (ابن الأثير: الباهر، ص ٣٤٥؛ والكامل، ج ١٢، ص ٤٣) وقد زار بن خلكان هذه المدرسة ووصفها عند كلامه عن عز الدين مسعود بقوله: «وكان قد بنى بالموصل مدرسة كبيرة، وقفها على الفقهاء الشافعية والحنيفية، فدفن في هذه المدرسة في تربة في داخلها - رحمه الله -، ورأيت المدرسة والتربة وهى من أحسن المدارس والترب، ومدرسة ولده نور الدين أرسلان شاه في قبالتها، وبينهما ساحة كبيرة»، هذا ولم يبق من المدرسة المعزية حتى اليوم سوى غرفة واحدة مربعة الشكل فيها مرقد الإمام عبد الرحمن، وفوق الغرفة قبة مثمنة الشكل كالقباب التي بنيت في الموصل في القرنين السابع والثامن للهجرة، وقد وصف المدرسة وهذه الحجرة والمحراب وما بهما من نقوش أثرية الأستاذ المحقق مؤرخ الموصل سعيد الديوه جي في كتابه سالف الذكر: (الموصل في العهد الأتابكى، ص ١٤١ - ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>