للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبى عصرون، فاحترمه الملك العزيز وولاه القضاء بالديار المصرية، وضم إليه النظر في أوقافها.

وأقبل الملك الأفضل بدمشق على القصف والشرب وسماع الأغانى والأوتار ليله ونهاره، وأشاع ندماؤه أن عمّه الملك العادل - لما كان عنده - حسّن له ذلك ورخّص له فيه، وأنه حضر عنده ليلة وهو في شربه ولهوه، فجلس وسمع الغناء، واستحسن المجلس واستطاب ما هو فيه وندماؤه، وقال للملك الأفضل:

«أىّ حاجة بك إلى التكتم، اعلن بما أنت فيه وافعله (٢ اب) ظاهرا، فلا خير في اللّذات من دونها ستر»، فقبل وصية عمه وتظاهر بلذاته، وصرف إليها سائر أوقاته، وفوّض أمر مملكته (١) إلى وزيره ضياء الدين بن الأثير يدبرها برأيه الفاسد، وبقى الأمر على ذلك مدة.

ثم إن الملك الأفضل أصبح يوما تائبا من غير سبب يعلم (٢)، وأزال المنكرات، وأمر بإراقة الخمور، وبضرب آنية الشرب دراهم ودنانير في دار الضرب، وأقبل على الزهد والعبادة، ولبس خشن الثياب (٣)، وشرع في نسخ مصحف بيده، واتخذ لنفسه مسجدا يخلو فيه لعبادة ربه تعالى، وواظب على الصيام في أكثر الأوقات، وجالس الفقراء.


(١) س): «المملكة».
(٢) هذا اللفظ ساقط من (س).
(٣) (س): «وليس ثياب القطن».

<<  <  ج: ص:  >  >>