للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر تبريز الملك العادل بنية السفر إلى الشام وتقرير قواعده]

لما كثرت الأخبار بمصر بما يعتمده ضياء الدين بن الأثير - وزير الملك الأفضل - من الأحوال الرديئة والسيرة المذمومة بالشام، تحركت عزيمة الملك العادل للسفر بعساكر الملك العزيز، ووعد بإزالة ضياء الدين بن الأثير وطرده عن البلاد وإصلاح ما فسد من الأحوال.

قلت (١): هكذا حكى عماد الدين الكاتب

وعندى أنه ربما ذكر ذلك تقيّة في ذلك الوقت وخوفا من الملك العادل، وإلا فالذى أعتقده وبلغنى من جهات عديدة، أن الملك العادل لما قدم إلى دمشق نجدة للملك الأفضل، ورأى من ركة الملك الأفضل ما رأى، حدثته نفسه بالاستيلاء على دمشق وتملكها، وصار يعمل الحيلة في ذلك، ولما قصد الملك العزيز البلاد بعساكره، توصل الملك العادل إلى تحصيل غرضه بإيقاع الخلف بين الصلاحية والأسدية، وبين الأسدية والملك العزيز، ونفّر كلاّ (٢) منهم من الآخر، وأوجب ذلك رجوع الملك العزيز إلى مصر على الصورة التي ذكرناها، ولما تم له ذلك، حسّن للملك الأفضل قصد الديار المصرية، واجتمعا بالخارجين على الملك العزيز، وكان قصد أولئك لحاق الملك العزيز ومنعه من الدخول إلى الديار المصرية، ولم يكن ذلك في الباطن من هوى الملك العادل ولا اختياره، ولم يزل يثبطهم ويستوقفهم (١٨ ا) حتى وصل الملك


(١) لم يكن ابن واصل ليقنع بالنقل عن سابقيه من المؤرخين، بل هو يحاول أحيانا مناقشة آرائهم والإدلاء برأى له جديد، وهذا مثل لمناقشاته.
(٢) ك: «وتغير كل».

<<  <  ج: ص:  >  >>