للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحمام أحاط به جماعة من الخدام، فقتلوه (١) وأشاعوا باكر النهار، أنه مات فجأة في جوف الليل، ودعوا بالثبور، وأعول النساء في (١٠٣ أ) في الدور، فلم تتم الحيلة على مماليكه لأنهم فارقوه بالعشي سليما. فعلموا أنّه قد قتل غيلة، فبادروا بهجم الدور على الحرم ومسكوا الخدم والجواري (٢) وبسطوا عليهم العذاب، فأقروا بما جرى، فأمسكوا شجر الدر عند ذلك، وأمسكوا الطواشي محسن الجوهري (٣) وصلبوه على باب القلعة، مسمرا على الخشب، وهرب نصر العزيزي الى الشام. وحملوا شجر الدر الى زوجة المعز أم ولده، نور الدين، فقتلتها الجواري (٤) بالقباقيب الى أن ماتت ورميت من فوق السور الى الخندق، عريانة بثوب واحد ولباس، وقيل إنها بقيت في الخندق أياما، وقيل أنّ بعض الجرامكيش (٥) نزل في ليل وأخذ تكتها التي كانت في لباسها، ثم بعد أيام شالوها، ودفنت في تربتها (٦). وكان مدة مملكة المعز خمس (٧) سنين وأشهر. وكان المعز ملكا حازما، شجاعا، كريما، حسن التدبير والسياسة، غير أنّه كان سفّاكا للدماء، قتل خلقا كثيرا وشنق جماعة من غير ذنب، وأحدث في أيامه مظالم كثيرة، وأخذ الجوالي (٨) من النصارى واليهود مضاعفة، وأحدث التصقيع (٩) والتقويم (١٠) وأشياء كثيرة من أصناف المظالم.

وفيها تولى المملكة، الثاني من ملوك الترك وهو الملك المنصور نور الدين علي بن المعز عز الدين أيبك، ملك بعد والده في سادس عشري ربيع الأول [سنة خمس وخمسين وستمائة] (١١) وعمره يومئذ نحو عشر (١٢) سنين. وسبب ذلك (١٠٣ ب) أن الأمراء المعزية مماليك والده


(١) في السلوك ج ١ ق ٢، ص ٤٠٣: وقد أعدت له شجر الدر خمسة ليقتلوه: منهم محسن الجوجري وخادم يعرف بنصر العزيزي ومملوك يسمى سنجر. وانظر خبر مقتله أيضا في عيون التواريخ ٢٠/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) في الأصل: الجوار.
(٣) الجوجري في المختصر ٣/ ١٩٢ وأيضا في السلوك نسبة الى قرية جوجر بمركز سمنود من مديرية الغربية وهي واقعة على الشط الغربي لفرع دمياط. انظر السلوك ج ١ ق ٢ ص ٤٠٣ حاشية رقم (١).
(٤) في الأصل: فقتلوها الجوار.
(٥) كذا في الأصل وفي السلوك ج ١ ق ٢ ص ٤٠٤ أرذال العامة.
(٦) هي التربة التي بنتها لنفسها بقرب مشهد السيدة نفيسة. النجوم الزاهرة ٦/ ٣٧٨.
(٧) سبع سنين تنقص ثلاثة وثلاثين يوما، في السلوك ج ١ ق ٢، ص ٤٠٤.
(٨) الجوالي: هي جزية كانت تؤخذ من أهل الذمة، أنظر المصدر السابق ص ٣٨٤.
(٩) التصقيع: هو إحصاء البيوت والعقارات لأجل فرض ضريبة عليها. المصدر السابق.
(١٠) التقويم: هو قيمة كل من البيوت المحصاة من أجل فرض الضريبة عليها. أنظر السلوك ج ١ ق ٢، ص ٣٨٤.
(١١) التكملة من المصدر السابق ص ٤٠٥.
(١٢) خمس عشرة سنة في المصدر السابق والمختصر ٣/ ١٩٢ والنجوم الزاهرة ٧/ ٤١.

<<  <   >  >>