للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحضر حسين الكردي الطبردار (١) الذي وشى بالملك الناصر الى التتار وأمر بشنقه فشنق وأقام بدمشق نيفا وعشرين يوما ثم سار منها عائدا نحو الديار المصرية، فقال أحد الفضلاء الشاميين يذكر عزمته ويصف همته: [الخفيف]

هلك الكفر في الشآم جميعا ... واستجدّ الاسلام بعد دحوضه

بالمليك المظفر الملك الار ... وع سيف الإله عند نهوضه

ملك جاءنا بعزم وحزم ... فاعتزرنا بسمره وببيضه

أوجب الله شكر ذاك علينا ... دائما (٢) مثل واجبات فروضه

وفيها قتل (٣) الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب، وسبب قتله أنه كان مقيما عند الملك هولاكو، ملك التتار وصار عنده من أعز خواصه وأوعده إذا فتحت مصر أضاف اليها ملك الشام وقلده المملكتين المصرية والشامية. فلما مضت عساكر هولاكو وغابوا عنه ستة أشهر واستولوا على المملكة الشامية، كتب له الملك هولاكو «فرمان» وقلد الملك الناصر (١٢٥ أ) المملكتين المصرية والشامية وأخلع عليه وأعطاه خيولا كثيرة وقماشا ومالا وجهزه. وسافر الملك الناصر مسيرة ثلاثة أيام بعد توديع الملك هولاكو وإذا قد حضرت الأخبار الى هولاكو بكسر عساكره، عند ذلك عظم عليه وكبر لديه وأمر برد الملك الناصر ومن معه محتفظا بهم فركب جماعة خواص الملك هولاكو وساقوا خلف الملك الناصر فلحقوه وردوه الى عند الملك هولاكو فأمر بقتله، فأخذوه (٤) التتار فقتلوه وقتلوا سائر أولاده ومن معه (٥) خلا ولده الصغير المسمى بالملك العزيز فإن خوند طقز خاتون زوجة الملك هولاكو شفعت فيه.


= الملك الأشرف الى الملك المظفر قطز يطلب فيها الأمان فآمّنه وأعطاه بلاده وأقره عليها. انظر ابن العميد في:
B .E .O,T. XV,P .١٧٦
والمختصر في أخبار البشر ٣/ ٢٠٥ والنجوم الزاهرة ٧/ ٨٣.
(١) الطبردار هو الذي يحمل الطبر حول السلطان عند ركوبه في المواكب وغيرها وهو مركب من لفظين فارسين أحدهما طبر ومعناه الفأس والثاني دار ومعناه ممسك فيكون المعنى ممسك الفأس. صبح الأعشى ٥/ ٤٥٨.
(٢) في الأصل: واجبا، التصويب من المختصر ٣/ ٢٠٦ والنجوم الزاهرة ٧/ ٨٢.
(٣) ورد خبر مقتل الملك الناصر يوسف سنة ٦٥٩ هـ‍ عند أبو الفداء وحول تفاصيل مقتله أنظر المختصر ٣/ ٢١١ وابن العميد في المصدر السابق، السلوك ج ١ ق ٢، ص ٣٣٤ ويبدو التشابه واضحا حول هذا الخبر في تلك المصادر وانظر ترجمته أيضا في شفاء القلوب ص ٤٠٨.
(٤) كذا في الأصل والصواب فأخذه.
(٥) وقتل معه أخوه الملك الظاهر غازي والملك الصالح ابن شيركوه وعدة من أولاد الملوك. في السلوك ج ١ ق ٢، ص ٤٣٤.

<<  <   >  >>