للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقصبة الحاكمية (١)، وأقام العمل فيه من مستهل شعبان وإلى آخر شوّال من هذه السنة.

وفيها توجه السلطان جلال الدين خوارزم شاه، وجمع جيشا والتقى عساكر التتار، فكسروه كسرة فاحشة، فهرب إلى آمد (٢) فلم يمكّنوه من الدخول إليها، وعساكر التتار خلفه يقتلون في جماعته فساق الى بلاد ميّافارقين (٣)، (٢ ب) والتجأ الى قرية من أعمالها بمفرده، فحضر جماعة عرفوه، وكان قد قتل منهم جماعة، فاتفقوا على قتله، فقتلوه (٤) وأخذوا قماشه الذي كان عليه وفرسه. ثم بعد أيّام أرادوا بيع قماشه فعرف ذلك عليهم في مدينة ميّافارقين، فأنكر عليهم الوالي ومسكهم، وأحضرهم الى الملك المظفر شهاب الدين غازي [بن الملك العادل] (٥) فأمر أن يقررهم، فأنكروا قتله، ثم اعترفوا بقتله، وأن هذا قماشه. فأمر السلطان شهاب الدين بشنقهم وأحضر أكابر القرية وأهل القرية جميعهم فقتل الجميع، وأمر بخراب القرية وجعلها دكا، وقال: هؤلاء تطاولوا لقتل مثل هذا الملك العظيم والله لو أحضروه عندي حيا أعطيتم القرية ملكا.

[[الوفيات]]

وفيها مات الأمير شجاع الدين جلدك التقوى (٦)، مملوك تقي الدين عمر، صاحب حماه، سمع من الحافظ السلفي (٧)، وحدّت عنه وعن مولاه تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أيوب بشيء من شعره، وولي ثغر الاسكندرية ودمياط، وولي شدّ (٨) الدواوين. وكان كثير الاحسان للعلماء، وحضر مواقف كثيرة في الجهاد، وكان يكتب القرآن بخطه في كل بلد يتولاّه. كتب بخطه أربعا وعشرين ختمة، وكان يعرف كتاب الصحيح، وعمّر قريب ثمانين


(١) تعرف بالحاكمية لأنها حررت من زمن الحاكم بأمر الله الفاطمي فنسبت اليه. صبح الأعشى ٣/ ٤٤٢.
(٢) آمد من المدن المهمة، في إقليم ديار بكر أو باكير المدينة التركية الآن، وآمد عاصمة الإقليم كله، وتعرف أيضا بالحجر الأسود لأنّ بيوتها كلها من حجر البازلت الأسود. أنظر معجم البلدان ١/ ٥٦ طبعة دار صادر ١٩٥٥.
(٣) ميّافارقين: من مدن اقليم ديار بكر. انظر المصدر السابق ٢/ ٤٩٤.
(٤) حول سبب مقتله أنظر ابن العميد في:
B .E .O .T .XV .P .١٣٩
ومرآة الزمان ٨/ ٦٦٩ - ٦٧٠.
(٥) التكملة من مفرج الكروب ٤/ ٣٢٢.
(٦) راجع ترجمته في وفيات الأعيان ١/ ١٦٧، فوات الوفيات ١/ ٣٠٠، الوافي ١١/ ١٧٤، والشذرات ٥/ ١٣٧.
(٧) هو الحافظ الكبير أبو طاهر بن أحمد السلفي الأصفهاني، كان حافظا جليلا واماما كبيرا. ولد سنة ٤٧٢ هـ‍ وقيل ٤٧٥ هـ‍ وتوفي سنة ٥٧٦ هـ‍. راجع طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٤٣ - ٤٦.
(٨) شد الدواوين وموضوعها أن يكون رفيقا للوزير متحدثا في استخلاص الأموال. راجع صبح الأعشى ٤/ ٢٢.

<<  <   >  >>