للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها اجتمعت أراء الأمراء المذكورين على ترتيب الملك الجواد مظفر الدين يونس ابن ممدود (١) نائب السلطنة بدمشق والشام، واتفق رأيهم على إخراج الناصر داوود من دمشق بحكم أنه حضر اليها صحبة السلطان الملك الكامل، على أنّ السلطان إذا ملكها يملكه إيّاها، فلمّا مات السلطان اتفقوا (٢) الأمراء على خلاف ذلك وأخرجوا الناصر من دمشق خوفا من وقوع فتنة (٣)، فأرسلوه الى الكرك (٤) وصحبته جماعة مقدمهم الأمير نور الدين علي بن الأمير فخر الدين عثمان استادار (٥) صاحب المدرسة التي بسويقة للصاحب (٦) داخل القاهرة.

فلما خرج الناصر داوود وتوجهوا (٧) الى الكرك وتملك الجواد دمشق، توجهوا (٨) الأمراء المصريين الى الديار المصرية، ولما وصلوا قرب الديار المصرية ركب العادل وتلقاهم بمن عنده من الأمراء والعساكر والتقى الواردين وأكرم ملتقاهم، وأرسل الى بيوتهم بعد نزولهم الأموال والخلع والخيل ثم حضروا بعد ذلك الى خدمته وجددوا الإيمان والعهود، واستمر له الأمر فلما تمكن بدأ في إبعاد أمراء دولته عنه، وقطع رواتب أرباب الدولة وما بقي يقرّب أحدا من الأمراء الأكابر إلا من أنشأهم. عند ذلك (٢٩ أ) تفرقت قلوب الأمراء الكبار والصغار منه، وأقبل هو على شرب الخمر واللهو والفساد (٩).

وفيها لما سار الناصر الى الكرك، جمع عساكره وسار من عجلون الى غزة وملك الساحل، فخرج اليه الجواد في عسكر الشام وقال للأشرفيه كاتبوه وأطمعوه فكاتبوه واغتر بهم


(١) أغلب المصادر الأيوبية ترسم اسمه ب‍ مودود.
(٢) كذا في الأصل والصواب: إتفق.
(٣) يذكر ابن العميد ان سبب اتفاق الأمراء على إخراج الملك الناصر داوود من دمشق كان خوفا من أن يستولي هو نفسه على البلاد، أنظر في:
B .E .O,T .XV,P .١٤٥
وأنظر أيضا ذلك في: مرآة الزمان ٨/ ٧٠٧ ومفرج الكروب ٥/ ١٧٢ والسلوك ج ١ ق ١ ص ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٤) الكرك: كلمة أعجمية وهي اسم لقلعة حصينة جدا في طرف الشام من نواحي البلقاء في جبالها، بين آيلة وبحر القلزم والبيت المقدس، معجم البلدان ٤/ ٣١٢.
(٥) الأستادارية: موضوعها التحدث في أمر بيوت السلطان كلها من المطابخ والشراب خاناه والحاشية والغلمان وهو الذي يمشي بطلب السلطان ويحكم بغلمانه وباب داره، صبح الأعشى ٤/ ٢٠.
(٦) هي المدرسة الصاحبية بالقاهرة في سويقه الصاحب نسبه للوزير الصاحب صفي الدين ابن شكر الدميري، أنشأها في سنة ٦١٨ هـ‍ وجعلها وقفا على المالكية، راجع خطط المقريزي ٢/ ٣٧١.
(٧) كذا في الأصل والصواب توجه.
(٨) كذا في الأصل والصواب توجه، حول توجه الأمراء المصريين الى الديار المصرية يشير ابن واصل الى عدم توجه كافة الأمراء الى مصر بل بقي بالشام بعض الأمراء لحفظ البلد، أنظر مفرج الكروب ٥/ ١٧٣.
(٩) تشابه في الايراد مع المقريزي في السلوك ج ١ ق ٢ ص ٢٦٨ وفي أخبار الايوبيين ما يشبه ذلك، أنظر ابن العميد في المصدر السابق.

<<  <   >  >>