للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: من أنا؟

قال: الملك الناصر داود.

فقال له: بس رجلي،

فباس رجله.

فقال له: رح، قد ولّيتك مصر.

فترك عنه الحديد، وألبسه ثياب الملك، وأمر بركوبه في تلك الساعة، فنزل من الكرك، وركب، ونادى الجاويش، والتفّت عليه مماليكه البحرية، وحرّكت الكوسات (١)، وركب، وسرا (٢) من أول الليل، فما أصبح له الصباح إلاّ في أرض بعيدة (٣).

[[دخول الصالح وداود مصر]]

وأمّا ما كان من الناصر داود فإنّه ما أفاق من سكره إلى وقت صلاة الظهر، فطلب الركوب مع المصريّين، فقيل له ما جرى منه، فندم، واستدعى بالهجن، وركب ولحق الملك الصالح بغزّة وقد اشتدّت شوكته وتمكّن.

فقال الملك الصالح: داود ما جاء بك؟

قال: جئت أسلّم لك ملك مصر، لا يجري عليك ما جرى على أخيك.

فرحل معه، فلما وصلوا إلى موضع فيه العسكر، خرج العسكر لملتقاه، وملك مصر، واستحضر أخاه الممسوك من الزّردخاناه إلى بين يديه بالدهليز، فقال له: من مسكك؟

فقال: مماليك أبي.

فردّه إلى مكانه ورحل، طلع قلعة مصر، وكشف (٤) الخزائن، فلم يجد بها درهما فردا ولا دينارا. فسأل عن ذلك، فقيل له: أخوك أنعم به على الأمراء.

فقال: اعملوا لي ورقة بجملته ومصروفه، ولا تخلّوا شيء (٥) منه.

فعملوا له ذلك.


(١) الكوسات: صنوجات من نحاس تشبه الترس الصغير يدق بأحدها ثم بالآخر بإيقاع مخصوص، وهي من رسوم الأمراء ويسمّون أصحاب العمائم والكوسات. (صبح الأعشى ٤/ ٩).
(٢) الصواب: «وسرى».
(٣) مرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٧٢٨، ٧٢٩، نهاية الأرب ٢٩/ ٢٧٠، تاريخ الإسلام (حوادث ٦٣٧ هـ). ص ٣٥.
(٤) في الأصل: «وكسف».
(٥) الصواب: «ولا تخلّوا شيئا».

<<  <   >  >>