للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك يدلل عليها، وأن شيئًا من ذلك كله لا يمكن نسبته إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما كان ذلك ليكون إلا من خارج محمد عليه الصلاة والسلام، وبقوةٍ قوى البشر بجانبها لا شيء، قوة من بيده الخلق والأمر، والملك والملكوت، بما لا يستطيع عاقل منصف عنده شيء من علم، أو تقدير للحقيقة إلا أن يسلم بنبوة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وهذا قطرة مما يرد به على "مونتجمري وات" وأذنابه ممن يدعون الحياد أو البحث العلمي، الذين ينفون هذه الروايات (١) وليس الإطالة الآن إلا لهذا الرد على ذلك الهجر وتلك الترهات، من براق القول الخادع، الذي لا يحمل تحته إلا عكسه مع سوء القصد، وفساد النية.

والآن نستكمل البحث مع "وات".

ونبدأ بالقول بملحوظات نسوقها إتمامًا لما سبق

- الملحوظة الأولى:

وهي أن "وات" قد بيض كتابه لذكر حديث ابن إسحاق بطوله، وبمنهج "وات" نفسه ما الدافع وراء ذلك؟ - وهو المختصر لمثله - بل للقرآن الكريم حيث يذكر في كثير من الآيات رقم السورة والآية فقط لا يذكر منطوقها، وله دافع وراء ذلك، وهو التلبيس على قرائه، وحذف ما يريد إخفاءه، وتقطيع أوصال النصوص وبترها؛ لينتقي منها ما يظن أنه حجته، أما هنا فأراد أن يطلع القارئ الأوروبي، المادي العلماني على مثل هذا الكلام، قائلاً بلسان حاله هذا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهذا دينه، ليقرر هذا القارئ من أول وهله رده للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وللإسلام، ومن ناحية أخرى يتحصن هذا القارئ أمام استخدام العقل في فهم الإسلام،


(١) محمد في مكة (٣٣ - ٣٤).

<<  <   >  >>