للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قصة هرقل ملك الروم، وقد رواها البخاري ومسلم وغيرهما، فقد أرسل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابًا مع دحية الكلبي - رضي الله عنه - إلى قيصر الروم يدعوه إلى الإسلام، فلما قرأ رسالة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحث عمن يعرفه، فدعاهم لمجلسه مع الترجمان فقال: أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يدعي أنه نبي؟ فقال له أبو سفيان: أنا أقربهم نسبًا، فأدناه وقرب أصحابه منه لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب، فأخذ يسأله عن صفات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأحواله، كما ورد في الحديث الطويل المشهور، ومنها علم أنه النبي المرسل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال في ختام كلامه لأبي سفيان: إن كان ما تقول حقًا فسيملك موضع قدمي هاتين وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه". (١)

٣ - إسلام ورقة بن نوفل، وهو ما يصدم "وات" في آرائه التي يؤكد بها تأثر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باليهود والنصارى، وكذلك تأثر تعاليم الإسلام باليهودية والنصرانية، وقد ذكرنا هذه القصة في منهج التأثير والتأثر، أما إسلام ورقة الذي تعامى عنه "وات"، والذي يمثل منهج الانتقاء مع التدليس والغش للقارئ، فقد جاء في مسند أحمد، وهو من المصادر التي رآها واعتمدها "وات" فيما كتب، ولا شك قرأ فيه ما يتعلق بسيرة ورقة التي اخترع جزءًا كبيرًا منها من بنات أفكاره، ووحي شيطانه، ولم يستح وهو يذكر ذلك، وسنشير إليه مرة أخرى في بدء الوحي.

يقول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يثبت أن ورقة من المسلمين الأوائل:» قد رأيته فرأيت عليه ثياب بياض، فأحسبه لو كان من أهل النار لم يكن عليه ثياب بياض «(٢)، وفي رواية أخرى:» قد


(١) البخاري "الصحيح" ٦/ ١ بدء الوحي، ومسلم "الصحيح" ١٣٩٥/ ٣ كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي إلى هرقل، ورواه ابن حبان في صحيحه، و"موارد الظمآن" ١٦٢٨/؟ بإسناد صحيح، كما قال محقق زاد المعاد طبعة الرسالة، وسنعود في الكلام على عالمية الدعوة إلى هذا الموضوع، والرد على "وات" فيه إن شاء الله تعالى.
(٢) أحمد "الفتح الرباني" (١٧٤/ ٢٠) وحسّن الساعاتي إسناده.

<<  <   >  >>