للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبناء على ما سبق كان معنى الآيات، أن الله سينزل على نبيه مايتلوه على الدنيا، وأن الذى سيتلوه هو دعوتهم إلى ربه، وترك غيره لأنه الواحد الأحد الذى له الخلق والأمر، ومتصف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص، وأن له الرجعى والقيامة اليه، فهو إذا الإله الذى يجب أن يفرده المرء بالعبادة والسجود له والتقرب إليه (واسجد واقترب).

ومن ثم ردت الآيات على "وات" في الدعوة وبواعثها وأركانها لا كما يدعى وردت عليه في كونها وحى من الله إذ لا يتصور ولا يمكن أن يكون اللبيدو أو الوعى الخلاق كما يزعم مصدرا للوحى فيما سيكون إذ هو عنده تخزين فقط لما كان يستدعيه بالوعى أو اللاوعى، ثم إن قوله اقرأ لم تكن من اللاوعى لأنه لم يسمع من حكاها أونقلت له من قبل إذ هي مفاجأة بما لم يحتمله واقعا.

ونعود إلى"وات" لنذكر رأية في موضوع النبوة ونبين الرد عليه.

- إن "وات" يرجع أمر النبوة إلى التخيل الخلاق (١)، بمعنى إنها إبداع من عقلية النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليست اصطفاء من الله لسيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأداء رسالته، ولذلك استبعد رؤية جبريل - عليه السلام - من الناحية التاريخية (٢).

وننقل شيئًا من كلام "وات" بنصه فيما يخص ما نحن فيه يقول: "لقد تملكت محمدًا منذ وقت مبكر أن الكلمات التي تصل إليه هي وحي من الله مهما كانت الصورة الدقيقة لتجربته الأولى في تلقي الوحي، وقد ظهر الإيمان بذلك منذ البداية في دعوته العامة"، ويقول "على المؤرخ أن يعترف بصدق محمد المطلق في اعتقاده بأن الوحي كان يأتيه من الخارج يمكن أن يكون قبل الوحي قد سمع من بعض الأشخاص قسمًا من القصص التي


(١) Creative imagination .
(٢) محمد في مكة.

<<  <   >  >>