للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)} [الأنعام: ٥٢]. (١)

سب القرآن ومنزله ومن جاء به والتشويش عليه:

ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠]، أنها نزلت ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مختف بمكة، وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}، أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن. (٢)

وزيادة على ذلك، نهى الله المسلمين أن يسبوا أصنام المشركين لئلا يكون ذريعة لهم فيسبوا الله تعالى اعتداء وجهلاً فقال: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨].

وكان المشركون مع ذلك يتواصون بافتعال الضجة العالية، والصياح المنكر عند قراءة القرآن الكريم، منعاً لسماع الناس له، أو لوصول الهدى إلى أحدٍ عندما كان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقوم بتبليغ دعوة الله تعالى، وفي ذلك نزل قوله سبحانه واصفاً تلك الحالة المنكرة والتواصى بها:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦)} [فصلت: ٢٦]. (٣)

أسلوب المساومات والترغيب والترهيب:

وكان من أساليب قريش في صد الدعوة، ومجابهة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أسلوب المساومة، ولم يكن


(١) مسلم والنسائى، من سعد بن أبو وقاص وانظر تفسير الآية في ابن كثير والقرطبى وغيرهما، وقد جمع الطبرى الآثار الواردة في أسباب النزول وحققها أحمد شاكر، وانظر د. مهدى رزق الله، السيرة (١٧١).
(٢) البخاري (٤٧٢٢)، مسلم (١/ ٣٢٩)، (١٤٥).
(٣) انظر ابن الجوزى، زاد المسير (٧/ ٢٥٢).

<<  <   >  >>