للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينها الظرف وما أضيف إليه لتذكيرهم بها، وتنبيههم للطف عظيم حفهم من الله تعالى، وهي حالة موقع جيش المسلمين من جيش المشركين، وكيف ألتقى الجمعان في مكان واحد على غير ميعاد، ووجد المسلمون أنفسهم أمام عدو قوى العدد والعدة والمكانة من حسن الموقع.

والعدوة (١)، ضفة الوادى وشاطئه.

والوصف بالدنيا والقصوى يَشْعُر المخاطبون بفائدته، وهي أن المسلمين كانوا حريصين أن يسبقوا المشركين إلى العدوة القصوى، لأنها الأنسب كما بينا فلما سبق المشركون اغتم المسلمون لذلك، فلما نزل المسلمون بالعدوة الدنيا انقلب الموقف بإنزال الله للمطر، حيث تخير المسلمون أحسن موقع وثبتت أرضهم وسقوا وغوروا الماء واتخذوا الحوض، فلما وصل المشركون وجدوا المسلمين قد احتازوا الماء وساء موقفهم ولم تنفعهم العدوة القصوى التى ظن المسلمون أنها الأحسن والأوفق.

{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال: ٤٢]، وهم عير قريش التى أفلتت من المسلمين بمحازاة الساحل بقيادة أبو سفيان، فلو علم العدو بهذا الوضع لاطبقوا بجماعتيهم على المسلمين، ولكن الله صرفهم عن التفطن لذلك، وصرف المسلمين عن العير، ولو حاولوا لوقعوا بين جماعتى العدو.

و {أَسْفَلَ}، منصوب على الظرفية المكانية، وهو في محل رفع خبر عن الركب، أي والركب قد فاتكم وكنتم تأملون أن تدركوه لتغنموا ما فيه.

نعود إلى التقييد بهذا الوقت وتلك الحالة فيه، فهو مثل وصف المنازل لاجدوى منه في


(١) سرح الدنيا والقصوى.

<<  <   >  >>