للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتخلف، فنحن إذن أصحاب البلاد الشرعيين) (١) وطالما أن منطق الحكم هو منطق القوة فقد ظهر بوضوح أنه ليس هناك خيار حتمي غير خيار واحد هو الاحتكام إلى السلاح، وقد بات هذا الخيار ينضح على نار هادئة حتى تفجر في النهاية ليفرق البلاد ومستعمريها في حمامات الدم ومستنقع الوحل. وعند هذه النقطة يمكن العودة إلى تلك النار الهادئة التي ألهبت الحريق، والتي أوقد فتيلها الإفرنسيون ذاتهم من خلال سياسة التنصير.

ومن المعروف، أن في جملة الدوافع الظاهرة التي حدت بفرنسا (ابنة الكنيسة الكاثوليكية المفضلة) إلى احتلال الجزائر، رغبتها الملحة في القضاء على الدين الإسلامي الذي ادخرت له كل حقد دفين منذ هزائمها المنكرة أيام الحروب الصليبية القديمة في المشرق (حملة لويس التاسع - أو القديس لويس على مصر).

وعلى الرغم من أن معاهدة تسليم العاصمة التي أبرمها القائد الإفرنسي - دوبومون - مع (الداي حسين) تقضي بحرية الشريعة الإسلامية واحترامها، وضمان حرية الأهالي وأملاكهم وتجارتهم، إلا أن (دوبومون) نفسه لم يلبث أن نكث العهد بعد مضي شهرين فقط على إبرام الاتفاقية، وإصدر أمرا يوم ٨ أيلول - سبتمبر - ١٨٣٠ يقضي بالاستيلاء على الأوقاف الإسلامية. والاستيلاء على الأوقاف إنما يعني الاستيلاء على الدين، لأن المساجد والشؤون الديية الأخرى وما يترتب لها من خدمات تمول كلها من الأوقاف.


(١) مجلة (أفريقيا اللاتينية) أيار - مايو - سنة ١٩٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>