للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ[كانوا من أهل البرانيط، أو من]ـ أهل البرانيس) (١).

إنها دعوة إلى الثورة، ونداء إلى حمل السلاح والاحتكام إليه. غير أن الدعوة مفتوحة، والنداء مؤجل. فلا زالت أرضية الثورة غضة، ولا زالت ظروفها الدولية والمحلية غير مؤاتية. وإذن فليستمر العمل لإنضاج الثورة على نار هادئة. وهذه النار الهادئة هي تطوير الفكر الثوري بالعلم والمعرفة، حتى لا تضيع التضحيات سدى، وحتى لا تسيل الدماء هدرا. وعلى هذا يمضي ابن باديس، محددا للمفاهيم الصحيحة، مقوما للأفكار الخاطئة، مهاجما للآراء المستوردة أو المدسوسة والتي يمكن لها تشويه البناء الثوري.

ويتحدث ابن باديس عن (العروبة) فيلمس فيها المقومات التي تهبها الخلود، مهما تلبدت الظروف السياسية من حولها، واختلف العرق بالمنضوين تحت لوائها. العروبة جوهر خالد، قابل للانبعاث، باعث للأمل. العروبة حقيقة تطفو فوق الملابسات المضللة أو تزييف المستعمر. العروبة نهاية المطاف، مهما طال الشوط، وغاية الغايات مهما تصارعت الوسائل. إن الظروف العصيبة التي عاشتها الجزائر، فكادت تطمس فيها معالم الإسلام والعروبة، لم تزد المصلح الكبير - وهو يعيشها - إلا تعلقا بالمرامي البعيدة التي تعامى عنها الدخيل. وإيمانا بالغد العربي الأكبر الذي كفر به المستعمر، وكاد يكفر به المواطن.


(١) جريدة (المقاومة الجزائرية) نيسان - أبريل - ١٩٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>