للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرعاها العشرات من السنين، يعطيها من الدراسة النظرية حقها، ويستمد لها من التاريخ العميق أصالتها. ويواجه أعداءها المتنكرين أو الناكرين لها، مواجهة الحجة بالحجة، ويقف من عروبة الجزائر موقفه من العروبة عامة. لا ينكر ما أثبته التاريخ من - أصل مازيغي - لسكان الجزائر القدماء. لأن العروبة الإسلامية فوق السلالات: (ما من نكير أن الأمة الجزائرية كانت مازيغية من قديم عهدها، وأن أمة من الأمم التي اتصلت بها، ما استطاعت أن تقلبها عن كيانها، ولا أن تخرج بها عن مازيغيتها أو تدمجها في عنصرها وفي عصر ظهورها، بل كانت هي التي تبتلع الفاتحين فينقلبون إليها، ويصبحون كسائر أبنائها ... فلما جاء العرب وفتحوا الجزائر فتحا إسلاميا لنشر الهداية لا لبسط السيادة، دخل الأمازيغ من أبناء الوطن في الإسلام، وتعلموا لغة الإسلام العربية، طائعين، فوجدوا أبواب التقدم في الحياة كلها مفتحة في وجوههم، فامتزجوا بالمصاهرة. وثافنوهم في العلم، وشاطروهم سياسة الملك وقيادة الجيوش. وقاسموهم كل مرافق الحياة، فأقام الجميع صرح الحضارة الإسلامية، يعربون عنها، وينشرون لواءها بلغة واحدة هي: لغة القرآن. فاتحدوا في العقيدة والنحلة، كما اتحدوا في الأدب واللغة. فأصبحوا شعبا عربيا واحدا، متحدا غاية الاتحاد، وممتزجا غاية الامتزاج، وأي افتراق يبقى بعد أن اتحد الفؤاد، واتحد اللسان:

لسان الفتى نصف، ونصف فؤاده ... فلم تبق إلا صورة اللحم والدم

<<  <  ج: ص:  >  >>