للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصليبية التي تجلت في تحويل الجامع إلى كنيسة، وإقامة الأنصاب التذكارية يعلق عليها الصليب الحديدي فوق العبارة اللاتينية: .. (سننتصر بهذه الإشارة) (*). ولن نشدد على شعارات المدينة: مثل شعار مدينة الجزائر، الذي عمم في العالم كله بواسطة الطابع البريدي الذي رسم عليه صليب ضخم في السماء، منتصرا على هلال صغير منكس فوق البحر).

وكان العدو الاستعماري ذكيا جدا في اختياره - موظفي الجوامع - من بين العسكريين المتقاعدين المرشحين لأن يصبحوا نواطير، وسواس خيل، وعمال بلدية وكهرباء ... وإذا برهن طالب الوظيفة على إخلاصه للنظام الاستعماري، وحفظ عن ظهر قلب - الستين فصلا - اعتبر مستوفيا للشروط المطلوبة ليمنح إجازته - كشيخ للإسلام - موقعة بإمضاء الحاكم العام. ولم يكن على المفتي الأكبر أكثر من أن يختار المحفوظات المناسبة، وانتقاء النص الصالح ليكون خطبة الجمعة، مع حرصه أن يخضع (كلمات الله) إلى الرقابة المهنية المجدفة عليه، التي يمارسها (الإله الآخر) - معبوده - وهو المفوض السامي. وإذ يصغي إلى المذياع وهو ينقل الصدى المحرك الآتي من عبارات (الله أكبر) يتصور هو، كاهن السلطان الناري، أن جمهور المصلين الذين يسجدون، فيلمس جبينهم السجادة التي تغطي الأرض، يشبهون حشدا من العبيد الراكعين الذين يقدمون خضوعهم وأرواحهم قرابين!


(*) سننتصر بهذه الإشارة: (In Hoc Signo Vinces).

<<  <  ج: ص:  >  >>