للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد عليه المدني - في شبه حدة: إنك تعلمت في فرنسا، أو في مدارسها بالجزائر، ولم تقرأ إلا كتبها المدلسة، ولم تطلع إلا على آدابها السخيفة الإباحية، ولم تختلط إلا برجالها الذين احتلوا أرضك، وامتهنوا أهلك، واستعبدوا شعبك. الجزائر أمة قائمة الذات، لها تاريخها الحافل، ورجالها الأبطال البواسل، وقد عطرت الدنيا بذكر جهادها المجيد، من أيام يوغورطا وماسينا إلى عبد القادر والمقراني. وإنك إن ناديت بالإفرنسية والتفرنس والذوبان في بوتقة الغالب، وهو أمر من المحال تحقيقه، فإنك لن تسير طويلا، وستجد نفسك ومن التف حولك من شبان هذه الحركة وحيدين، تعملون لغير غاية وتسيرون إلى غير هدف. إن هذا الشعب الجزائري لا يريد إلا السير على طريق الشرف والبطولة، التي توصله إلى مركز القوة والاستقلال بالحكم. وإنني أرى إنه ربما اتبعك اليوم، ما دمت تصرخ بآماله، وتفرج كربته بكشف ظالميه. أما متى تجاوزت ذلك، وسرت قدما في طريق الاندماج والذوبان، انفض من حولك، وتركك مع قلة قليلة من أمثالك.

وافترق الرجلان - على غير رضى - غير أن المعركة لم تتوقف، فقد أوعز الشيخ بن باديس إلى أحمد توفيق المدني بكتابة رد على مقولة (التفرنس). (والاندماج) نشرها في (الشهاب) على مسؤوليته - حتى حسب البعض إنها من كتابة - ابن باديس - رحمه الله، وكانت المقولة تحت عنوان (كلمة صريحة) وجاء فيها: (.. إننا نعيش حقا في وسط سادت فيه الفوضى من جميع جهاته، فمن فوضى في الدين إلى فوضى في الأخلاق إلى فوضى

<<  <  ج: ص:  >  >>