للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الجزائريين، على النطاق الاجتماعي والأخلاقي، وسواء أكانوا أغنياء أو فقراء، كانوا متشبثين بتصميم وعناد بحضارتهم المتوارثة عن الأجداد، وبلغتهم القومية، وتقاليدهم الأصيلة، وسواء تخرجوا من المدارس الإفرنسية أو المدارس العربية، أو في أقاصي النواحي - الدوارات - كانوا جميعا يشعرون بالحاجة إلى احترام، إرث الأجداد والمحافظة عليه. لقد حافظوا وهم بمواجهة مجتمع أوروبي معتد، حافظوا على العزة والقوة اللتين يوحي بهما إليهم انتسابهم إلى الشعب المضطهد، الشعب العربي الجزائري. وكانوا يواجهون إزدراء الأوروبيين لهم بإزدراء مماثل، وباحتقار من هم واثقون من حقهم الصريح. لقد رفضوا بقوة وصلابة خرافة التفوق العنصري التي أراد النظام الاستعماري أن يفرضها عليهم.

كانوا يعلمون أن المستوطن، سواء كان إفرنسيا أو إيطاليا أو إسبانيا، لم يكن متفوقا عليهم، كانوا ينحنون بالتأكيد تحت ثقل الضغط والقوة، ولكنهم كانوا يرفضون أن يتراموا كالكلاب.

أما الإمبريالية الاستعمارية، فقد كانوا على ثقة من زوالها يوما ما بوسيلة أو بأخرى. فالبيت الذي لا أساس له، سينهار عاجلا أم آجلا. أما مؤقتا، فإن الظلم مهما كان الرداء الذي يرتديه، فيبقى ظلما، ومهما ثقل هذا الظلم عليهم، فإنه سيبقى معه شعلة الثورة، وأمل تحرر أكيد).

تلك هي الصورة العامة لإنسان الجزائر كما رسمتها ريشة

<<  <  ج: ص:  >  >>