للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدائيا. ويعتقدون كل لمعة هي مدية موجهة لأعناقهم، وكل صوت هو صوت قعقعة سلاح. ويظن الواحد منهم أن كل دورية تبديل إنما هي جماعة من الفدائيين، فلا يلبث أن يطلق النار عليها، وعلى كل شبح أو شجرة أو حركة.

ومن القصص المثيرة والمعروفة، ما حدث في مدينة (معسكر) خلال الأيام الأولى للثورة، حيث كان السكون يخيم على المدينة، لا يعكر صفوه سوى سير الدوريات المسلحة. وكان عقربا الساعة يلتقيان عند شارة منتصف الليل، عندما صدرت عن الجهة الغربية للمدينة - قرب محطة الحط الحديدي - نيران رشاشة بغزارة عالية. وعند الصباح تبين أن جنود اللفيف الأجنبي - ليجيون ايترانجيه - الذين يحرسون مستودعات النفط قرب محطة الخط الحديدي، سمعوا صوت حركة بن الأعشاب، ففتحوا نيرانهم الرشاشة في اتجاه مصدر الصوت. ولم تكن الضحية أكثر من حمار شارد!

كان إعدام الخونة، والمتعاونين مع العدو، هو الهدف الأول للمقاومة السرية وجيش التحرير على السواء. فالخائن في العرف الوطني هو عين الاستعمار، وهو الجرثومة الخطرة التي ببتلي بها الوطن. وكما أن الجسم العليل لا يمكن أن يستعيد نشاطه، أو يبرأ من مرضه إلا اذا قضى قضاء تاما على جرثومة العلة .. فكذلك الشعب العربي وشعوب العالم، لا تستطيع أن تحرر أو أن تنطلق على درب الحرية والسيادة، إلا إذا تم لها استئصال عناصر الفساد، وقتل جراثيم العلة والبلاء فيها. وقد نجحت المقاومة السرية في القضاء على الخونة المارقين، أذناب الاستعمار، وعبيد ماله. وأراحت الشعب العربي في الجزائر من لسعاتهم السامة. وكان آخر من سقط منهم مضرجا بدم

<<  <  ج: ص:  >  >>