للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر فرنسية وتطبق فيها القوانين الافرنسية لزمن السلم - عمليا كل قمع فوري للثوار. وعلى سبيل المثال: فقد كانت القوانين المطبقة في عام ١٩٤٥ في قسنطينة، مختلفة كل الاختلاف عن القوانين الموجودة في المنطقة ذاتها في سنة ١٩٥٤. ففي عام ١٩٤٥، كانت الأحكام العرفية والمحاكم العسكرية العرفية قائمة. وفي عام ١٩٥٤ كان استخدام القطعات مرتبطا بالسلطة المدنية، وكان على قوات الدرك - الجندرمة - أن تحقق في كل المعارك مع محضر ضبط وشهود. وهكذا جنت فرنسا على نفسها بالقوانين التي وضعتها (١).

وفضلا عن هذا، كانت الوسائط العسكرية الافرنسية في الجزائر مثيرة للضحك (٤٩) ألف رجل أكثر من نصفهم من الجزائريين.

ولهذا السبب، وبسبب وجود رجال في السلطة (مثل ميتران في الداخلية، وليونارد في حكومة عموم الجزائر، والجنرال شيريير. في الفيلق التاسع عشر التابع للجزائر العاصمة، والجنرال سبيلمان في فرقة قسنطينة) كانت عملية القمع الأولية تدعو ال الهزء والسخرية، بالرغم من ضربة ناجحة وجهها العقيد دوكورنو للثوار في الاوراس.

وأضاعت فرنسا فرصة وحيدة كان بالمستطاع استغلالها لتخنق في المهد، تلك الثورة التي قام بها بضع مئات من الرجال، في الوقت


(١) هذه الذرائعية للدفاع عن أسباب فشل خنق الثورة غير صحيحة وغير دقيقة تماما، فلقد برهنت مسيرة، الأحداث على تحرك فرنسا الفوري، واستخدام كل وسائل القوة المتوافرة والتي كانت أكبر بكثير من قدرة الثوار عند انطلاقهم بثورتهم. فلم تكن فرنسا هي الضعيفة في هذا الموقف، وإنما كان الثوار هم الأقوياء. وكذلك الأمر بالنسبة لمقولة بوفر - من أن الشعب الجزائري كان مرتبطا بفرنسا. ولو كان الأمر كذلك؛ لما قامت الثورة أصلا، ولما حققت ما أنجزته من الانتصارات.

<<  <  ج: ص:  >  >>