للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثورة التحريرية. إن الجزائر، قمة وقاعدة، لم تقبل في أي وقت كان السياسة التي فرضتها عليها الحكومات الفرنسية المتتالية منذ الاحتلال وحتى اليوم. وكانت طلباتها الأساسية تجد تعبيرا لها في المنظمات السياسية، تلك المنظمات التي كانت تحلها الإدارة الفرنسية الواحدة تلو الأخرى، لأنها كانت الصوت المتجدد باستمرار على أشكال مختلفة لأنه الصوت العميق لشعب بكامله من أجل الكرامة والحرية. فتاريخ الحوار الديموقراطي الذي حاول الشعب الجزائري إقامته مع فرنسا، في إطار الأنظمة التي فرضتها هذه الأخيرة عليه، لم تكن سوى سلسلة طويلة من الرفض المهيمن والاضطهاد العنيف. إنكم لن تستطيعوا تصور الشعور الذي تركه في نفوس الجزائريين منذ سنة (١٩٤٨). بتزوير الانتخابات كان شعورا بالكرامة المداسة المسحوقة - فكانت تلك الحرية المزعومة أمر وأقسى في كثير من الحالات من الحرمان من الحرية.

إن أبواب الثورة تفتح تدريجيا عند عدم احترام إرادة الشعب، وهكذا عزم الشعب الجزائري على حمل السلام بعد أن فشلت جميع الوسائل التي استعملها للتعبير عن مطامحه. لقد فهم أن كل ثقة لم تكن إلا خدعة فالثورة التي أشعل نارها في الفاتح من تشرين الثاني - نوفمبر - ١٩٥٤ حزبه - وهو جبهة التحرير الوطني - التي كانت الوسيلة الأخيرة لفرض الحوار، ولإسماع صوته للرأي العام العالمي. إن الثورة الجزائرية تندرج في إطار الحركة العالمية من أجل رقي جميع الأمم الواعية بشخصيتها، والواعية كذلك بأنه لا كرامة بدون استقلال.

لا! إن الثورة الجزائرية التي عجز عن خنقها ما يقرب من نصف مليون جندي من جيش عصري، لا يمكن أن تكون من صنع بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>