للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإلقاء قنبلة في (مقهى باريس) وهذه هي المهمة الأولى التي لا بد من تنفيذها - كاختبار - وذلك قبل الانضمام إلى قوات جيش التحرير الوطني.

...

رجعنا على طريق القرية، وكان المطر ينهمر كالسيل، فالتصقت ثيابنا بأجسادنا، وأخذت أقدامنا تغوص في الوحل. وكان الناس لا يزالون نياما. فالساعة لم تتجاوز بعد الرابعة صباحا. وخشيا أن تصادفنا دورية عسكرية افرنسية، فقررنا التوقف، بانتظار صعود شمس النهار، ولجأنا إلى شجرة زيتون كبيرة، نحتمي بها. وأخذ (تومي) على عاتقه القيام بالنوبة الأولى من الحراسة، فصعد إلى الشجرة، بينما جلسنا نحن الثلاثة عند أسفل جذعها. ننتظر موعدنا مع اليوم الجديد، وننظر إلى المطر المنهمر كالطوفان، والبرد يخترق أجسادنا بقوة. وفجأة انبعثت ضجة قوية، وهوى جسم ثقيل على أقدامنا. إنه جسم (تومي) الذي استسلم للنوم وهو على غصن الشجرة، فسقط على الأرض. ومن ذهول المباغتة، وانفجرنا ضاحكين، وأجسادنا تهتز لفرط انفعالنا، حتى أن (تومي) ذاته لم

يتمكن من منع نفسه عن مشاركتنا ضحكنا، بالرغم من سقطته الأليمة. وعلى كل حال، فقد أشرقت شمس النهار، وأمكن لنا الوصول إلى منزل (حمدي) بجهد كبير. فكان أول عمل هو قيام (حمدي) بإخفاء القنابل في مدخنة الموقد. وجاء يوم تنفيذ العملية (يوم - ي) وتقرر إلقاء القنبلة في لحظة الإفطار - أي مع أذان المغرب - ففي هذه اللحظة يقفر الشارع من المارة المسلمين. ولجأنا إلى القرعة حتى لا نختصم على تنفيذ العملية، فجاءت القرعة على (بوفان) لإلقاء القنبلة. وكان على (حمدي)

<<  <  ج: ص:  >  >>