للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما تحتويه من وسائل التشويه. وتوقفت سيارة خفيفة (جيب) مباغتة أمام مركز الدرك. وقفز رجل (حركي) من داخل السيارة، وفتح الباب، وقال: (أين هو هذا القذر - يا حضرة الرقيب -. لا تزعجوا أنفسكم بأمره، إننا سنحمله على الغناء!) واستدار هذا - الحركي - نحوي، ووجه إلى سيلا من السباب والشتائم - باللغة العربية.

قيدوني في العربة الخفيفة (الجيب) بالرغم من إحاطتي باثنين من رجال الدرك. ووصلنا إلى المزرعة مع هبوط ظلام الليل. فدفعوني إلى غرفة كان أول ما لاحظته فيها وجود بركة من الدم، وشعرت بشعر رأسي وهو ينتصب واقفا لهول هذا المنظر، لقد سبقني إذن موقوف آخر إلى هذه الغرفة! وأصدر إلي (الحركي) أمرا بخلع كل ثيابي. وتم تثبيت القيود والأغلال على رسغي يدي وقدمي، بالإضافة إلى سلسلة ضخمة كانت تصل بين القيود المثبتة على الجدار، فلم يعد باستطاعتي القيام بأي حركة، أما رأسي فترك معلقا على مسند يشبه (البالوعة) في أعلاها صنبور ماء.

وقال لي رقيب: (قد يكون من الأفضل لك، أن تقول لي من قذف القنبلة، قبل أن نبدأ عملنا!) وأجبته: (أنكم تخطئون بحقي يا حضرة الرقيب. إنني لم أكن مع الزمرة التي ذكرتم أنها ألقت القنبلة، ولا أعرف شيئا عن أمرها. كل ما أعرفه أن هناك قنبلة قد انفجرت) وقال الرقيب: (حسنا أيها القذر؛ سنرى صحة قولك خلال لحظة واحدة، هيا يا عمر!) وأقبل الحركي - عمر - فوضع كتلة من الخيش في فمي، وفتح الحنفية حتى آخرها، وتدفق الماء فملأ فمي، وحاولت التنفس، غير أنني لم أتمكن من ذلك، وانقضت ثوان قليلة عندما سمعت بصورة مشوشة الكلمات التالية: (من ألقى القنبلة؟). وبقيت صامتا. فتكررت عملية التعذيب

<<  <  ج: ص:  >  >>