للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشكل موقعا استراتيجيا هاما، حيث كانت القوات الاسبانية الصليبية تعمل في كل مرة على احتلال هذا الموقع المشرف على مدينة الجزائر-من خلفها- وحيث تستطيع مدفعية العدو تدمير الجزائر إذا ما أمكن لها احتلالها. ولهذا أمر ببناء معقل منيع، وحصن شامخ يرتفع فوق تلك الربوة التي تعلو مائتي متر تقريبا عن سطح البحر (١) ثم أخذ في الاستعداد لتنفيذ الهدف الثاني وهو تحرير وهران وتلمسان.

انتهج (حسان خير الدين) سياسة مضادة لكل الدول الأجنبية، بما فيها فرنسا التي كانت ترتبط بالسلطنة العثمانية بروابط رسمية جيدة، ساعدت فرنسا على الإفادة من الحريات الاقتصادية الواسعة التي منحتها لها معاهدتها مع استامبول والتي شملت كل بلاد السلطنة العثمانية غير أن (حسان خير الدين) لم يلتزم بذلك، وأعلن عن عدائه لفرنسا في مناسبات كثيرة، فما كان من فرنسا إلا أن أرسلت سفيرها المعتمد في استامبول إلى الجزائر، بهدف معرفة المدى الذي سيصل إليه (حسان) في عدائه لفرنسا، وفيما إذا كان هذا العداء سيؤثر على العلاقة الاقتصادية ما بين فرنسا والجزائر. واجتمع سفير فرنسا بالأمير (حسان) وعرض عليه تقديم مساعدات عسكرية- الأسطول والرجال - لتنفيذ مشروعه في غزو إسبانيا ونجدة مسلمي الأندلس. لكن (حسان) رفض هذا العرض، وأعلن بصراحة أن قضية الجهاد هي قضية خاصة بالمسلمين، فأكد بذلك القاعدة الثابتة (وهي عدم


(١) ما زالت هذه القلعة موجودة حتى اليوم، وقد عمل الجزائريون على تدميرها في تموز - يوليو - ١٨٣٠،يوم اجتاحت قوات الاستعمار الفرنسي الجزائر. وأعاد الإفرنسيون بناءها وتحصينها. وتدعى القلعة رسميا باسم (سلطان قلعة سي - أي - قلعة السلطان). أما الشعب الجزائري فما زال حتى اليوم ينسبها إلى بانيها الأول، ويدعوها باسم (برج مولاي حسان) - حرب الثلاثمائة سنة - أحمد توفيق المدني - ص ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>