للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعبير عنها لدى هذا الشعب هو في التضامن العملي مع الأبطال. لقد كان الولاء والشجاعة ونكران الذات من الصفات النادرة جدا في ظهورها سنة ١٩٥٤، فأصبحت ابتداء من سنة ١٩٥٦، وعند ولادة فرق الجهاد في المدن عملة رائجة، كثيرة التداول. وللمسلمات حساسية خاصة تجاه القدر الذي رسمته السماء للمحارب الذي جعل منه الإسلام بطلا مثالتيا غير خاضع لعوامل الضعف البشري. وهن يؤوين منقذي الوطن المدنس، ويوفرن لهم الطعام ويخدمنهم، ويعالجن الجرحى، ويخبئن الهاربين والمطاردين - وأصبحت النساء المسلمات بطريقة عفوية، مساعدات ورديفات للفرق المسلحة، يؤمن الاتصال العاجل، بل ينقلن حتى السلاح أو الذخيرة. وهن يعتنين بأيتام الأمة الجريحة، وأبناء الشهداء، الشهداء الناصعي الجبين والقلب، والذين يمكن دفنهم بثيابهم.

فهم - وفقا لما سنه الشرع - في غنى عن مراسم دفن الموتى - التقليدية، ولا حاجة لتكفينهم بالأكفان البيضاء الناصعة.

وهكذا فإن إرهاب المدن لم يتدخل بشكل كيفي في عملية تطوير المقاومة الإجماعية للشعب، وإنما هو انطلق من قلب الجماعة، ووفق التأييد الجماعي، حيث الظروف الموروثة مباشرة من المجتمع الإسلامي، تتيح المجال أمام المساعدة المتبادلة. ويمكن إيضاح هذه العلاقة الجدلية المتبادلة من خلال مثلين عكسيين:

في الحالة الاولى: يظهر إرهاب المدن وهو يمارس دور الوازن السياسي للقوى الشعبية.

في حزيران - يونيو - ١٩٥٦، حدثت الاعتداءات الأولى على الأوروبيين، وكانت أعمالا انتقامية مشروعة. فلقد كانت جبهة

<<  <  ج: ص:  >  >>