للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (النفاق المختفي وراء العطف الأبوي). والاستعمار الفرنسي القابض على زمام الإدارة الجزائرية والشرطة والصحافة والإذاعة، قد استطاع غير ما مرة أن يمارس ضغطا على الرأي العام ويحوله الى فكرة رجعية. ومما يدل على مهارته ومقدرته في تدبير المكائد والدسائس في الاستفزاز، هو ما جرى من المظارات الصاخبة بمناسبة ذهاب (سوستيل) ويوم ٦ - شباط - فبراير - ١٩٥٦، وكانت نتيجتها خضوع رئيس الحكومة؛ لفرنسة واستسلامه (للمستوطنين).

وقد عمد الاستعمار بلوغ هدفه، على قذف الفزع في القلوب، فاتهم الحكومة بإهمال الأقلية الأوروبية، غير الإسلامية وإلقائها بين يدي (الوحشية العربية) وتركها ضحية (للحرب الدينية) وتسليمها لمكيدة أفظع من مكيدة (سان برتيليمي) الشهيرة. وييدو أن الشائعات التي اختلقها بوق الاستعمار (ريجاس) وأذاعها الجلاد (باتكي كريغو) في الصورة البشعة (الحقيبة أو الموت) أصبحت اليوم صورة تافهة.

والأحزاب الوطنية القديمة لم تول هذه المسألة ما تستحقه من الأهمية، فهي لم تكن تهتم إلا بالرأي العام الإسلامي، وكثيرا ما غفلت عن التصريحات النابية التي كان يدلي بها من حين لآخر بعض الدجالين المرابين الذين كانوا في الواقع يعينون العدو الأكبر، ولا زال الهجوم المضاد - المعاكس - حتى اليوم، ضعيفا ولا تستطيع الصحافة الديمرقراطية في فرنسا أن توقف السموم التي يبثها الاستعمار، ووسائل التعبير التي بيد جبهة التحرير الوطني غير كافية، ومن حسن الحظ أن المقاومة الجزائرية لم ترتكب أخطاء خطيرة تبرر التصريحات التي تنشرها الصحافة الاستعمارية الموالية للمصلحة البسيكولوجية للجيش الاستعماري، وقد دل على أكاذيبها

<<  <  ج: ص:  >  >>