للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاطلاع على (عالم جديد) لا سيما عندما توجه من الإسكندرية إلى القاهرة، حيث رأى عبد القادر للمرة الأولى والأخيرة محمد علي باشا حاكم مصر الذي طبقت شهرته الآفاق، وأخذ يتأمل طويلا في هذا الجندي الناجح الذي عرف بكفاءته الإدارية التي كانت تنافس كفاءته العسكرية. وأكمل محيي الدين مع ابنه رحلة الحج، فكانت متعة روحية لا توصف وبعد أداء مناسك الحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة، انفصلا عن الحجيج ويمما شطر دمشق، ليقضيا معظم وقتهما في التردد على الجامع الأموي الكبير، وليفيدا من هذه المناسبة لقراءة الحديث وتدارسه مع الشيخ عبد الرحمن الكزبري. وكان لا بد لهما وهما في دمشق من إكمال الرحلة بزيارة قبر الصالح (عبد القادر الجيلاني - حارس الجزائر) فتوجها إلى بغداد عن طريق تدمر ووصلاها بعد ثلاثين يوما. ولما كانا من عائلة شهيرة بالهدايا الثمينة التي تقدم بها كثير من أعضائها إلى قبر الصالح الجيلاني، فإنهما لقيا استقبالا حارا كريما من قاضي المدينة (السيد محمد الزكريا) الذي كان ينحدر بدوره أيضا من الولي الصالح الجيلاني، وقدم (محيي الدين) كيسا من الذهب، على ما جرت به عادة المرابطين تجاه إحياء ذكرى هذا الرجل الصالح الذي لا يشك أحد من المرابطين بكراماته (١). وبعد إقامة في بغداد لمدة ثلاثة أشهر، ارتحل محيي الدين وابنه عبد القادر في طريق


(١) اشتهر الصالح (عبد القادر الجيلاني) بجهاده في القرن الثاني عشر، وكان له مقامات أثرية - تذكارية - في معظم بلاد المشرق، وقد نسجت حكايات كثيرة عن كراماته. ويذكر أن (مصطفى بن المختار) جد عبد القادر، قد زار أكثر من مرة ضريح (عبد القادر الجيلاني) وأجازه الشيخ مرتضى الزبيدي، وهو الذي أنشأ قرية (قيطنة - أو غتنا) ونشر الطريقة القادرية في الغرب الجزائري، ومات أثناء عودته من الحج، ودفن في (عين غزالة) قرب (برقة) بليبيا سنة ١٢١٢هـ وأثناء عودة محيي الدين وولده من الحج بالبر توقفا لزيارة قبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>