للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسعة، وحرص في الوقت ذاته على مراقبة ممارساتهم. وحدد للموظفين رواتب كافية حتى لا تمتد أيديهم إلى الحرام (الاختلاس والابتزاز).

وكانوا مسؤولين أمام الأمير، كما كانت الرقابة الشعبية - بلغة العهود الحديثة - مطبقة بصورة شاملة، حيث كان منها ديه يرفع صوته بين القبائل وفي الأسواق، داعيا الناس لممارسة هذا الحق بقوله: (من كانت له شكوى على الخليفة أو الآغا أو القائد أو الشيخ، فليرفعها إلى الديوان الأميري من غير واسطة، فإن الأمير ينصفه من ظالمه ومن ظلم فلم يرفع ظلامته إلى الأمير فلا يلومن إلا نفسه) وقد أكد مفهومه في مشاركة الشعب في الحكم من خلال رسالته التي كتبها إلى ملك فرنسا - لويس فيليب - والتي قال له فيها: (عليك أن تعلم أن أي إجراء لن يكون صالحا إذا لم يحظ بمصادقة الشعب).

يمتد الوطن الجزائري على مساحة جغرافية واسعة، على ما هو معروف، ولم تكن وسائط الاتصالات متوافرة بمثل بمثل ما أصبحت عليه اليوم، ولهذا عمل الأمير عبد القادر على إعادة تقسيم البلاد إلى مقاطعات وهذه إلى دوائر، ووضع في كل منها آغا، وهذه الدوائر تشمل على القبائل النازلة فيها، وتشمل القبيلة على (بطون وعشائر). فجعل على كل قبيلة قائدا وعلى كل بطن وعشيرة شيخا. فكانت الأوامر الأميرية تصدر إلى العمال المعروفين (بالخلفاء) ومنهم إلى الأغوات، ومنهم إلى القواد ومنهم إلى المشايخ. ويقوم المشايخ برفع القضايا التي تحدث والمشكلات التي تقع إلى القواد، وهم يرفعونها إلى الأغوات ومنهم ترفع إلى الخلفاء، ثم تعرض على الحضرة الأميرية، وفي وقت الحرب يصبح هؤلاء الرؤساء قادة عسكريون، فيجمع كل منهم جماعة من عشيرته ويقودها إلى الحرب. وكان (الأمير عبد القادر) يحرص عند تجميعه للقبائل على ما بينها من روابط، وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>