للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٣٤ وجاء فيها: (لقد أوقع محمد علي نفسه في ورطة خطيرة من جراء جهله المطبق لعلاقات الثقة الحميمة التي تربط بلاطي فيينا وبيترسبورغ، فجاءت نتيجة مسعاه وبالا عليه: وأنه بمحاولته إثارة الخوف والحسد لدى الحكومات الأوروبية ضد روسيا، فإنه حكم على آماله كلها بالفشل الذريع) ويمكن من خلال الموقف المشترك للدول الأوروبية استخلاص نتيجتين: أولاهما، اتفاق الدول الكبرى مبدئيا على تجنب خطر اشتباك عام في الشرق، بالرغم من اختلاف وجهات النظر. وثانيها: رفض القوتين البحريتين، لفرنسا وإنكلترا، مشاريع باشا مصر بالاستقلال، على الرغم مما هما عليه من تنافس ضد روسيا. ولهذا فيجب على باشا مصر أن يتخلى نهائيا عن أية محاولة لإثارة بعض الدول الأوروبية ضد بعضها الآخر، وعلى كل حال، فنشاطه مراقب عن كثب بحيث أنه لا يستطيع أن يفلت من أنظار الدول ليحيك الدسائس ضد روسيا.

وهكذا اتفقت أوروبا كلها على تجميد الوضع، والإبقاء على (الحالة الراهنة). وظهر بوضوح: (أن فرنسا وإنكترا اللتين دللتا محمد علي طوال سنين كثيرة، وتعهدتا نوعا ما بتعزيز قوته، ولم تتراجعا أمام أي أمر في سبيل تأجج طموحه، تتركانه اليوم وحيدا، وتتلذذ إنكلترا خاصة بجرح عنفوانه وذلك بعدم اكتراثها به، هذا على أخف تعبير) (١) ومقابل ذلك، نصحت روسيا الباب العالي بما يل: (... أن النصيحة الوحيدة التي رأت حكومة الإمبراطور أن توجهها لكم في السابق، والتي ترى من واجب الصداقة أن تكررها لكم الآن هي الإفادة من عامل الزمن. إن حكومة الإمبراطور، وقد


(١) المرجع السابق - ص ١٠٦
.

<<  <  ج: ص:  >  >>