كتاب البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان

سابعة (١) وثمانون

مات عُبيد (٢) الله بن العباس.

والمِقداد بن مَعْدي كرب (٣)، بحمص.

[ثامنة وثمانون]

بنى (٤) الوليد جامع دمشق وجعله مايتا (٥) ذراعٍ في مثلها، وزخرفه (٦).

/ ٥٩/ وقيل: إن نصف الجامع من الشرق كان كنيسة للروم، وأن الوليد بن عبد الملك طلبها منهم وقال: قد كثُر الإسلام، وصار معنا (٧) تضييق. فقالوا: معنا نسخة. فقال لهم: نسخة مَن؟ قالوا: نسخة أبيك وخطّ من مضى من الخلفاء. فقال: الكنائس الخارجة من دمشق معكم بها خط؟ قالوا: لا. قال: فأريد أخرّبها. قال: فلما تحقّقوا خرابها أعطوه ما في الجامع. وكانت تُسمّى كنيسة يوحنّا.

وقالت الروم: إن من خرّبها يُصاب.

فنزل الوليد من على فرسه وعليه قباء أخضر (٨)، وعلى رأسه عمامة خضراء، فأخذ فأسًا في يده، ويجعل يخرّب فيها ويرمي نفسه كأنه يُصرع، والمسلمون ينظرون إليه (٩).

وكتب إليه ملك الروم: أمّا بعد، فإنّك غيّرت شيئًا رضي به أبوك، فإنْ يكُ أصاب فقد أخطأت، أو أصبتَ فقد أخطأت.

فردّ عليه: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ (١٠).

(١) في الأصل: "تاسعة" وهو سهو.
(٢) في الأصل: "عبد الله"، والتصحيح من: تاريخ الإسلام (٨١ - ١٠٠ هـ) ١٤٦ رقم ١٠٢ وفيه حشدنا مصادر ترجمته.
(٣) انظر عن (المقداد بن معدي كرب) في: تاريخ الإسلام (٨١ - ١٠٠ هـ) ٢٠٣، رقم ١٤٩ وفيه حشدنا مصادر ترجمته.
(٤) في الأصل: "بنا".
(٥) الصواب: "مايتي". والقياس هنا ينطبق على مسجد المدينة المنوّرة. انظر: الطبري ٦/ ٤٣٥، والكامل ٤/ ١٤.
(٦) خبر الجامع في: تاريخ دمشق ٢/ ٢٥١ وما بعدها، ومختصر كتاب البلدان ١٠٢، وأحسن التقاسيم ١٣٨.
(٧) في الأصل: "وجا ومعنا".
(٨) في تاريخ دمشق ٢/ ٢٥٤ "قباء أصفر".
(٩) انظر: تاريخ دمشق ٢/ ٢٥٤ - ٢٥٦.
(١٠) سورة الأنبياء، الآيتان ٧٨ و ٧٩، والخبر في: العيون والحدائق ٣/ ٥.