للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العقوبة فيما بين الأربعين والثمانين، فيكون ضرب "الثمانين" هو الحد الأعلى في هذه العقوبة وَحَدُّها الأدنى الذي لا يقل عنه "أربعين".

إن من يلقي مجرد نظرة على هذا الحكم العادل، والتشريع الحكيم ويقيسه بتلك الأحكام السخيفة القاصرة التي ما أنزل الله بها من سلطان سيرى البون الشاسع والفرق الكبير: ومن يستعرض مواد القانون الوضعي في هذا المجال فيستضح له الإرتباك من خلال ذلك، والتناقض أيضًا.

فهو يشدد فيما لا يقتضي الشدة ويلين ويتساهل فيما يتطلب ضد ذلك من التحفظ والضبط والزجر والردع ففي المادة (٣٨٥) الفقرة الثانية من القانون المصري مثلًا جاء: "من وُجِد في حالة سُكر بيّن في المحلات العمومية يعاقب بغرامة لا تتجاوز جنيها مصريًا واحدًا ... أو الحبس لمدة لا تزيد عن أسبوع" (١).

فبالله كيف يرتدع المجرم من مثل هذا الحكم الجائر الناقص، وما يفيد في ردع المجرم السجن أو الغرامة؟! حقًا إنها سوف تتكرر الجريمة حيال هذه العقوبات السخيفة بل سوف تنتشر دون مبالاة بها كما يشهد بذلك الواقع في البلدان التي اتخذت من القانون دستورًا لها.

وهذا مثال من أمثلة كثيرة ترينا "ما تمتاز به الشريعة الغراء بعدالتها في الأحكام وضبطها للشهوات الجامحة والأنفس الثائرة، ووضعها لكل جريمة عقوبة تناسبها وتناسب فاعلها كافية في ردعه ومنعه عن ارتكابها مرة أخرى" (٢). كذلك ما تمتاز به من المرونة والسعة، وما يلمسه الدارس لفقهها


(١) التشريع الجنائي الإِسلامي مقارنًا بالقانون الوضعي، لعبد القادر عودة ١/ ٦٥٠.
(٢) دراسات في التشريع الجنائي الإِسلامي المقارن بالقانون الوضعي، تأليف: =

<<  <   >  >>